عندليب دندش – واشنطن: علاقة حملت حولها الكثير من علامات الاستفهام وشهدت على مدى عقود قطيعة سياسية كادت ان تتطور الى ما لا تحمد عقباه. تلك هي العلاقة بين الولايات المتحدة وكوبا، التي تتجه اليوم نحو طي صفحة الماضي والبدء بعلاقات ديبلوماسية تُطرح معها الكثير من الاسئلة.
باراك اوباما اعلن في 1 يوليو ان بلاده تعتزم فتح سفارتها في كوبا لاستكمال اعادة العلاقات بين البلدين لافتا الى انه بعد مرور أكثر من 54 عاما على إغلاق السفارة الأمريكية في هافانا في عز “الحرب البارد”، “اتفقت الولايات المتحدة مع جمهورية كوبا على إعادة العلاقات الدبلوماسية بينهما بصورة رسمية وفتح السفارتين في بلدينا“.
ولادة الازمة
تاريخيا وقبل اندلاع الحرب الباردة، كانت كوبا تُعتبر احدى اطماع الولايات المتحدة التي اقترحت شراء الجزيرة مرات عدة، لكنها قوبلت بالرفض.
هذه الجزيرة التي تقع في منطقة الكاريبي في مدخل خليج المكسيك، شكلت للولايات المتحدة في اوائل القرن الماضي نافذة اقتصادياً وسياسياً اذ استولت على النصيب الاكبر من الاستثمارات الخارجية في كوبا، كما أنها كانت تسيطر على مجموع الصادرات والواردات فيها وأيضاً كانت داعماً أساسياً لعلاقاتها السياسية.
إلا ان هذه العلاقات لم تدم طويلا، وشهدت انتكاسة كبيرة بعد الثورة الكوبية عام 1959، ودخول قوات فيديل كاسترو العاصمة يوم 8 كانون الثاني/ يناير 1959 ومن ثم تولي كاسترو رئاسة الحزب ودخول البلاد في العصر الشيوعي.
حاولت الولايات المتحدة مرات عدة اغتيال كاسترو الا انها فشلت في ذلك، واصبحت كوبا هذه الدولة الجزيرة الصغيرة ثاني أكبر قوة مسلحة في أمريكا اللاتينية بعد البرازيل وجزءا مهما من الاتحاد السوفيتي الذي يشهد حربا باردة مع الولايات المتحدة.
وفي عام 1961، غادر مئات الآلاف من الكوبيين بلادهم إلى الولايات المتحدة. كما فشلت عملية غزو خليج الخنازير عام 1961 التي حاولت إسقاط الحكومة الكوبية من خلال القوة التي دربتها الولايات المتحدة من المنفيين الكوبيين مع دعم عسكري أمريكي.
وفرضت الولايات المتحدة حظراً اقتصادياً يحرم عليها التعامل مع المتاجرة والتعاون مع كوبا. وتولت دائرة المصالح الأمريكية في هافانا مسألة التمثيل الدبلوماسي، وتعادلها دائرة للمصالح الكوبية في العاصمة واشنطن، وكلا الدائرتين يتبعان للسفارتين السويسرية في البلدين.
لكن واصلت واشنطن رغم المقاطعة، ادارة قاعدة بحرية في خليج غوانتانامو في محافظة غوانتانامو، والتي لا تزال محل خلاف بين البلدين منذ استقلال كوبا عام 1902، والتي تحوي معتقل غوانتانمو.
عدم فعالية العقوبات
أوباما اكد أن الوقت قد حان للولايات المتحدة لرفع الحظر عن كوبا، مشيرا إلى أن فرض العقوبات أثببت عدم فعاليته خلال الأعوام الخمسين الماضية، ولافتا الى “اننا جاران ويمكننا الآن أن نكون صديقين“.
وأضاف أن وزير الخارجية الأمريكي جون كيري سيزور هافانا خلال الصيف الجاري للمشاركة في مر اسم فتح سفارة الولايات المتحدة هناك، دون أن يفيد بموعد محدد لفتح السفارة.
إعلان ديسمبر
اعلان اوباما ليس وليد اللحظة اذ انه في كانون الاول من العام الماضي، اعلن الرئيسان الأمريكي والكوبي نيتهما إعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين التي قطعتها واشنطن عام 1961 بعد عامين من تولي الزعيم الكوبي التاريخي فيديل كاسترو السلطة في الجزيرة.
وسارع اوباما الى دعوة الكونغرس الأمريكي إلى إلغاء الحظر التجاري المفروض على كوبا وتبع ذلك جولات عدة من المفاوضات حول فتح السفارتين المتبادلتين.
كما قامت الولايات المتحدة بتخفيف التقييدات التجارية بين البلدين وحلت مشكلة تمويل قسم رعاية المصالح الكوبية في واشنطن (جهة تمثل مصالح هافانا في الولايات المتحدة حاليا)، بالإضافة إلى شطب كوبا من قائمة الدول الممولة للإرهاب. وكانت هذه المسائل شروطا طرحها الجانب الكوبي لتطبيع علاقاتها مع الولايات المتحدة.
كوبا تؤكد
الرئيس الكوبي راؤول كاسترو اكد في الاول من يونيو أن بلاده “قررت إعادة العلاقات الدبلوماسية مع الولايات المتحدة وفتح بعثتينا الدبلوماسيتين الدائمتين في بلدينا في 20 يوليو/تموز عام 2015“.
وفي هذا الاطار التقى وزير خارجية كوبا المؤقت رئيس البعثة الدبلوماسية الأمريكية في هافانا لاستلام مذكرة بشأن استعادة العلاقات الدبلوماسية بين البلدين.
ووقع المذكرة الموجهة للرئيس الكوبي راؤول كاسترو، الرئيس الأمريكي باراك أوباما، ليتم معها التوقيع على صفحة جديدة من العلاقات بين البلدين