كتب راجح الخوري – بعد أسابيع من سقوط الموصل في يد “داعش” قال منسق عمليات الائتلاف الدولي ضد الإرهاب الجنرال جون آلن ان التخطيط لتحرير المدينة يستغرق سنة. أمس في ٩ حزيران حلّت الذكرى الاولى لسقوطها وسط مؤشرات كارثية، لأن “داعش” يوسّع سيطرته في العراق وفي سوريا، في حين يتأكد فشل الائتلاف في محاربته ووقفه.
في العراق كنا بمأساة الموصل وصرنا بمأساة الرمادي وما قد يستتبع ذلك من مفاجآت ترسّخ حتمية ذهاب العراق الى التقسيم، فالباحث العراقي منقذ الداغر الذي يدير مؤسسة مستقلة للدراسات أجرت أكثر من مليون مقابلة مع عراقيين قبل سقوط الموصل وبعده، توصل الى خلاصة فاجعة “العراق لم يعد موجوداً كدولة”!
وفي سوريا كنا بمأساة الرقة ودير الزور وصرنا بمأساة تدمر، التي زادت المآسي التي صنعها النظام منذ اربعة اعوام ونيف تفاقما، وكما في العراق كذلك في سوريا تتقدم كوارث التقسيم على إيقاع جحيم النيران وبحور الدماء والدمار، وقت يغلب اليأس على كل التوقعات والاحتمالات.
في العراق لم يتمكن حيدر العبادي من ان يوقف بصمات نوري المالكي التي صنعت المأساة أصلاً، من التدخل الذي عطّل إرساء مصالحة وطنية تؤسس لمواجهة حقيقية ضد “داعش” بالتوازي مع الدعم الدولي، فلقد جاء الفرار من الرمادي كارثياً وملتبساً وقال البعض انه كان متعمّداً لتبرير دخول “الحشد الشعبي” الشيعي، الذي تقوده ايران الى محافظة الأنبار التي تقع على الحدود السعودية والأردنية، وهذا ما يعطي “داعش” حججاً مذهبية على الأقل امام الذين أحرق “الحشد” بيوتهم وهجّرهم من منازلهم!
كذلك تحمل الذكرى الأولى لسقوط الموصل مؤشرات كارثية، فها هي بلجيكا مثلاً تقرر الإنسحاب من الائتلاف بحجة خفض النفقات مع انها لا تشارك بسوى ثلاث مقاتلات و١٢٠ عسكرياً، ويأتي ذلك وسط همس متصاعد عن نية دول أخرى ترك الائتلاف المهزلة طبعاً، والدليل ان باراك اوباما لم يتردد في القول قبل يومين ان الائتلاف لا يملك استراتيجية متكاملة للحرب ضد “داعش”، الذي يضرب الآن في سرت الليبية فيسمع الأوروبيون على شواطئ المتوسط الأخرى ويرتعدون!
وتحل هذه الذكرى والكارثة تزداد إتساعاً فها هو نائب الرئيس العراقي أسامة النجيفي وكذلك رئيس مجلس النواب سليم الجبوري يوجهان ملاحظات قاسية الى حكومة العبادي التي لم تستطع ان تنفذ بيانها الوزاري لجهة “التخلّص من سياسة الإستقطاب الأقليمي” والمقصود الهيمنة الإيرانية على القرار السياسي والعسكري في بغداد وهو ما كرر اوباما إنتقاده دائماً بما يعني ان هوة الأنقسام والتقسيم تتعاظم!
حتى التحقيق في أسباب سقوط الموصل لم يصدر هذا الشهر كما تقرر سابقاً لأن المسؤولين السياسيين السابقين وفي مقدمهم نوري المالكي لم يردوا على أسئلة المحققين ولن يفعلوا!