إكس خبر- أشارت صحيفة “الفورين بوليسي” الى أن “الرئيس الاميركي باراك أوباما يريد العمل مع زعيم آل سعود، ولكن ملك السعودية الجديد سلمان بن عبد العزيز له علاقات مقلقة مع الاسلاميين المتطرفين”.
وذكرت الصحيفة ان “الرئيس أوباما وصل الى الرياض لتقديم العزاء بوفاة الملك عبدلله ولقاء خليفته سلمان بن عبدالعزيز آل سعود”، متسائلةً “لكن من يكون الملك سلمان؟”.
السفير الأميركي في الرياض، جوزيف ويستفال أشاد “بالحاكم السعودي الجديد”، معلناً أن “تعزيز العلاقات سيتم من خلال الحكمة والشجاعة التي تشكل جوهر الملك سلمان”.
إلا أن الصحيفة أوضحت أن “هذا الوصف ليس مجرد كلام نمطي من مسؤولين أميركيين. فقد وصف المبعوث الأميركي السابق الى السعودية، روبرت جوردان الملك سلمان بأنه “إصلاحي ومحضر جيدا للقيام بهذه المهمة”، وذكرت صحيفة “واشنطن بوست” أن المحللين يعتبرون سلمان “معتدلاً على طراز الملك الراحل عبدالله”.
ولفتت الصحيفة الى أن “سلمان لديه سجل حافل في رعاية المتطرفين، ويحاول الآن تخفيف هذه العلاقات من أجل المصالح السياسية. فقد أشار مسؤول سابق في وكالة المخابرات المركزية الاميركية، بروس ريدل، الى أن “سلمان كان يعتبر رجل النظام السعودي الرئيسي لجمع التبرعات للمجاهدين، أو المحاربين الاسلاميين، في أفغانستان في الثمانينات من القرن الماضي، وخلال نزاع البلقان في التسعينات”، مشددةً على أن “سلمان هو الممول السعودي المحوري في دعم الاصوليين في مناطق الحرب في الخارج”.
وذكرت الصحيفة أن “سلمان شغل منصب حاكم الرياض لفترة طويلة، وكلف آنذاك بالحفاظ على النظام والتوافق بين أفراد أسرته”، مشيرةً الى أن “سلمان هو الأخ غير الشقيق للملك خالد الذي حكم بين 1975 و 1982″، لافتةً الى انه “في بدايات الحرب الأفغانية، طلب الملك خالد من سلمان استخدام الاتصالات العائلية من أجل الأهداف الدولية، وتم تعيين سلمان لادارة لجنة جمع التبرعات من العائلة المالكة السعودية وسعوديين آخرين لدعم المجاهدين ضد السوفيات”. وأكد ريدل بأن سلمان “عمل بشكل وثيق جداً مع المؤسسة الدينية الوهابية في السعودية”.
ووفق مسؤول آخر في الـ CIA “كان سلمان في الباكستان في أواخر الثمانينات، حيث بلغت التبرعات السعودية الخاصة خلال تلك الفترة ما بين 20 مليون دولار و 25 مليون دولار شهرياً”.
وفي كتابها “أكثر تعقيداً من النفط: الشراكة المرتبكة بين أميركا والسعودية”، ذكرت راشيل برونسون أن “سلمان ساعد في تجنيد المقاتلين لصالح السفي الأفغاني، عبد الرسول سياف، الذي كان يعتبر المرشد لكل من من أسامة بن لادن وخالد الشيخ محمد، العقل المدبر لهجمات 11 أيلول في الولايات المتحدة الاميركية”.
أما في النزاع في البوسنة، تم تعيين سلمان من قبل شقيقه وحليفه السياسي الوثيق، الملك فهد، لادارة المفوضية العليا السعودية لإغاثة البوسنة والهرسك “SHC” عند تأسيسها في عام 1992.
وكشفت برونسون أنه “من خلال “SHC”، جمع سلمان التبرعات من العائلة المالكة لاغاثة البلقان، وأشرف على مراقبة المفوضية حتى إغلاقها مؤخرا في عام 2011″، ذاكرةً أنه “بحلول عام 2001، جمعت هذه المؤسسة 600مليون دولار اسميا للإغاثة وأغراض دينية، ولكن المال استخدم أيضاً لتسهيل شحنات الأسلحة، بالرغم من الحظر على الأسلحة المفروض من قبل الأمم المتحدة بشأن البوسنة وغيرها من الدول التي خلفت يوغوسلافيا من عام 1991 وحتى عام 1996”.
وأي نوع من الإشراف مارس سلمان على هذه اللجنة الدولية؟ أوضحت “في عام 2001، داهمت قوات الناتو مكاتب “SHC” في سراييفو، واكتشفت كنز من المواد الإرهابية، صور قبل وبعد هجمات تنظيم “القاعدة”، إرشادات حول كيفية تزوير شارات وزارة الخارجية الأميركية، خرائط مع توضيحات لتسليط الضوء على المباني الحكومية في واشنطن”.
ورأت ان “مداهمة سراييفو لم تشكل الدليل الاول الذي يبرهن أن عمال SHC يتخطى المساعدات الانسانية”، مضيفةً “بين عامي 1992 و 1995، تتبع المسؤولين الأوروبيين تحويل ما يقارب 120 مليون دولار من التبرعات من حسابات مصرفية شخصية لسلمان ولـ “SHC” الى حسابات منظمة للمساعدات في البوسنة تدعى وكالة غوث العالم الثالث “TWRA” ومقرها فيينا، وبالرغم من ادعاءات هذه المنظمة بأنها تركز نشاطاتها في توفير الإغاثة الإنسانية، قدرت وكالات الاستخبارات الغربية أن “TWRA” تصرف في الواقع غالبية أموالها لتسليح المقاتلين المتحالفين مع الحكومة البوسنية”.
فيما أفاد منشق عن تنظيم “القاعدة” تم استدعائه للشهادة أمام الأمم المتحدة، أمام محامي عائلات ضحايا 11 ايلول، أن “كل من سلمان “SHC”و “TWRA” قدموا الدعم الضروري لتنظيم “القاعدة” في البوسنة، وقدموا أيضاً الدعم للوحدة القتالية 107″.
وفي إفادة متعلقة بالقضية، ذكر أن “SHC” شاركت على نطاق واسع في دعم عمليات تنظيم القاعدة في البوسنة” وأن TWRA “مولت مقاتلي الجماعة الإرهابية”.
بينما راقبت المخابرات الاميركية لفترة طويلة “ارتباطات “SHC” بالجماعات الارهابية، كما أدرجت جوينت تاسك فورس غوانتانامو التابعة للحكومة الاميركية المفوضية العليا السعودية على قائمة “الكيانات المشتبه بها بدعم الارهاب والارهابيين”.
ومن جهة ثانية، اتهمت وكالة استخبارات الدفاع الاميركية المفوضية العليا “السعودية بأنها تشحن على حد سواء المساعدات والأسلحة إلى محمد فرح عيديد، زعيم الحرب الصومالي على صلة بتنظيم “القاعدة”، علماً أن الصومال كانت خاضعة لحظر الأمم المتحدة على الأسلحة بدءا من شهر كانون الثاني 1992”.
واعتبرت الصحيفة ان “دعم السعودية للمقاتلين الإسلاميين في أفغانستان والبلقان إرتد سلباً في نهاية المطاف عندما عاد قدامى المحاربين الجهاديين الى بلادهم وشكلوا العمود الفقري لتصاعد وتيرة تهديد تنظيم القاعدة بالنسبة للسعودية في عام 2003″، موضحةً “تراجع سلمان وحاول شرح الهجمات التي استهدفت السعودية”، معلناً أن “القوى التي قامت بها مدعومة من الصهيونية المتطرفة التي تهدف للحد من الدعوة الإسلامية.”
ورأت الصحيفة ان “التهديد الجهادي للسعودية، لم يضع حداً لارتباط سلمان بالممولين الجهاديين ورجال الدين الاصوليين”، ذاكرةً أنه “يشارك حالياً في مجلس أمناء “مركز الامير سلمان للشباب” الميلياردير السعودي، صالح عبدالله كامل، الذي ظهر اسمه على اللائحة المزعومة لانصار تنظيم “القاعدة” الأوائل والمعروفة باسم “السلسلة الذهبية”، والذي نفى دعمه للإرهاب”، مشيرةً الى ان “الولايات المتحدة عندما سعت لاغلاق الجمعيات الخيرية السعودية التي لها علاقات مع الإرهاب في أعقاب هجمات 11 ايلول، دان كامل وسلمان هذا الجهد باعتباره اجراء معادي للإسلام”.
ولفتت الصحيفة الى انه “في تشرين الثاني 2002، رعى الأمير سلمان حفل لجمع التبرعات لثلاث جمعيات خيرية سعودية مراقبة من قبل واشنطن: منظمة الإغاثة الإسلامية العالمية، ومؤسسة الحرمين الشريفين، والندوة العالمية للشباب المسلم”، موضحةً انه “منذ هجمات 11 ايلول تم إغلاق فروع للمنظمات الثلاثة كما تم فرض عقوبات عليهم بسبب مزاعم حول دعمهم ماليا الإرهاب”، ذاكرةً انه “وفي الشهر نفسه، تحدث سلمان عن تجربته في مجالس إدارة الجمعيات الخيرية”، مؤكدا أنه “ليس من مسؤولية السعودية إذا كان الآخرون يستغلون التبرعات السعودية للإرهاب
“.
واعتبرت الصحيفة أنه “بما أن أوباما يشجع السعودية على بناء “مجتمع قادر على الحفاظ على نفسه في هذا العصر”، عليه النظر ملياً في الدور الذي يلعبه سلمان في مساعدة تشغيل مؤسسة عبد العزيز بن باز، التي تحمل اسم المفتي السعودي الذي توفي في عام 1999″، مضيفةً “يذكر موقع المؤسسة أنه المؤسسة مباركة بسبب دعم سلمان المباشر والمتواصل سلمان منذ إنشائها في عام 2001″، مشيرةً الى انه “بفضل هذه المؤسسة، لا يزال المفتي الراحل يحتل المرتبة الاولى بين رجال الدين الأكثر تأثيرا على شبكة الإنترنت، حتى بعد وفاته”.
وذكر المؤرخ الإسلامي روفين باز بأن “رجل الدين هذا اشتهر في بلده بسبب المحاولات الدؤوبة للمضي بالسعودية في اتجاه الأصولية الصارمة والمتشددة”.
و على سبيل المثال، بن باز أصدر فتوى بأن “النساء الذين يدرسون مع الرجال متكافئين مع العاهرات”.
وذكرت صحيفة “فورين بوليسي” أن “المواطن السعودي، عقيل العقيل، الذي فرضت عليه العقوبات الاميركية في عام 2014 بسبب قيادته لمنظمة ساعدت تنظيم “القاعدة” في أكثر من 13 بلد، وكان أحد أعضاء مجلس إدارة مؤسسة باز أيام سلمان”، موضحةً أن “العقيل احتفظ بموقعه في مؤسسة باز لعدة سنوات بعد فرض العقوبات، وعندما ترك المجلس، دخل داعية سعودي آخر، الشيخ عائض عبدالله القرني، وأعلن موقفه من الصراع العربي الاسرائيلي قائلاً “يجب ذبح الحناجر وتكسير الجماجم. هذا هو السبيل إلى النصر” .
ورأت الصحيفة ان “القرني ليس رجل الدين المتطرف الوحيد الذي عمل مع سلمان. فقد تعامل الملك الجديد أيضاً مع رجل الدين السعودي صالح المغامسي، وهو متطرف إسلامي، أعلن في عام 2012 أن أسامة بن لادن كان أكثر “قدسية وشرف في نظر الله”، ببساطة لكونه مسلم، من “اليهود والمسيحيين والزرادشتيين، المرتدين والملحدين” الذين هم بطبيعتهم “كفار”.
لكن هذه التصاريح لم تضع حداً لعلاقة سلمان بالمغامسي، بل ترأس الملك السعودي الجديد مؤخراً المجلس الإشرافي لمركز بحوث المدينة المنورة الخاضع لادارة المغامسي. وبعد عام من تصريحات الغمامسي حضر سلمان مهرجان ثقافي كبير نظمه المغامسي. ويعتبر هذا الاخير المرشد لاثنين من أبناء سلمان، واحد منهم التقط صورة “سيلفي” مع الداعية العام الماضي.
وأوضح مسؤولون أميركيون أن “الغرض من زيارة الرئيس أوباما هو إقامة “علاقة وثيقة” وتكوين فكرة عن هذا الرجل”.
كما ينظر مسؤولون غربيون الى “كيفية التعامل الاميركي مع النظام السعودي الجديد، ومع سجل سلمان المتعلق بدعم واحتضان المتطرفين، والذي يشكل جزء من المحادثات”، معتبرين ان “السيناريو الأسوأ هو أن يشارك الملك الجديد آراء المتشددين، وفي أفضل الأحوال يعتبر سلمان هو ببساطة انتهازي، على استعداد لقبول التعصب من أجل المضي قدما”.