إكس خبر- مَن يسابق مَن في سورية؛ الحسم الميداني أم التسوية السياسية؟ وهل النتائج الميدانية التي يحققها الجيش باتت تتحكّم بمسار أي تسوية مرتقَبة لإنهاء الأزمة الراهنة؟
أولاً: في الشأن الميداني، يمكن القول إن الجيش السوري تمكّن من درء خطر أي هجوم يستهدف العاصمة دمشق، بعد تقطيع أوصال المجموعات المسلحة وطرق إمدادها وتطويقها، خصوصاً في منطقتي ريف دمشق ودرعا المحاذيتيْن للبنان والأردن، اللذين كانت تشكّل بعض مناطقهما المحاذية لسورية أخطر ممرات لتسلل المسلحين وتهريب الأسلحة إليها، حسب مصادر ميدانية متابعة، تلفت إلى أن أهم ما حققه الجيش في الآونة الأخيرة على المستوى الاستراتيجي هو إعادة وصل طرق المحافظات ببعضها، بعدما قطعها المسلحون، وأهمها طريق دمشق – حمص، ومعرة النعمان – اللاذقية – أدلب – حلب، الأمر الذي يُسهم في تطويق المسلحين في الأخيرة، بعد قطع طرق الإمداد عنهم، وباتت الشهباء في حكم الساقطة نارياً.
وبالانتقال إلى “الجزيرة”، تشير المصادر إلى أن الجيش يجري إعادة تموضع فيها، تمهيداً لاستئصال البؤر الإرهابية من محافظتي دير الزور والحسكة، حيث تدور اشتباكات باستمرار مختلف الفصائل المسلحلة، على خلفية التنافس على الهيمنة على هذه المناطق.
أما في المنطقة الوسطى، فتقوم الأجهزة المختصة بملاحقة فلول المسلحين في حمص وحماه، بعد سيطرة الجيش على المناطق الرئيسية فيها، لاسيما في محيط حقل الشاعر النفظي.
هذه المعطيات دفعت الدول الراعية للمجموعات المسلحة في سورية إلى التفاوض غير المباشر مع السلطات المختصة، عبر الموفد الأممي ستيفان دي ميستورا، وبالتالي طرح مسألة “تجميد القتال” في حلب، في محاولة لتخفيف الضغط عن المسلحين، بعد سلسلة الهزائم التي مُنوا بها، وعلى ما يبدو فلن يُكتب لها النجاح، برأي مصدر في المعارضة السورية.
وفي سياق متصل، يأتي أيضاً استهداف الجيش اللبناني في البقاع الشمالي مؤخراً بالكمائن والعبوات الناسفة في سياق تخفيف الضغط عن مسلحي القلمون، بعد الإجراءات المشدَّدة التي يتخذها في “عرسال” ومحيطها، التي ضيّقت رقعة تحرك المجموعات التكفيرية في المنطقة المذكورة.
لاريب أن التقدُّم الاستراتيجي الذي يحقّقه الجيش السوري بفضل الاحتضان الشعبي له، أسهم في تغيير قواعد اللعبة السياسية، وسيدفع بالدول المشتركة في الحرب على سورية بالتراجع عن مخططهم الرامي إلى إسقاطها، والدخول في تسوية تحفظ لهم بعض “ماء الوجه”، بعدما “بُشِّروا” مراراً وتكراراً بقرب سقوط الحكم خلال أيام معدودة، ولم يأتي هذا “اليوم الموعود” منذ عامين ونيف.
وفي هذا الصدد، يعتبر مرجع استراتيجي أن وضع الولايات المتحدة اليوم يشبه إلى حد كبير وضع بريطانيا في خمسينيات القرن الفائت، فالجميع يعلم أن نفوذها يتراجع في العالم، وهي تدرك ذلك. ويقول: “لقد حاولت واشنطن إسقاط الحكم السوري، لمنع وصول روسية والصين إلى البحر المتوسط، لإقفال طريقهما التجاري مع أوروبا وأفريقيا، لأن سيطرة الثنائي المذكور على المتوسط سيؤدي حتماً إلى انكفاء الولايات المتحدة إلى أميركا الشمالية”.. ويختم المرجع بالقول: “عندما فشلت الإدارة الأميركية في إسقاط الحكم السوري، ستلجأ حتماً إلى التفاوض مع روسية، للحفاط على بعض أوراقها في المنطقة”.
إنطلاقاً من هذه الفرضية، تأتي جملة المحادثات التي تقوم الدبلوماسية الروسية بين ممثلين عن الحكومة والمعارضة السورية من أجل إطلاق حوار وطني، قد يؤدي إلى إتمام تسويةِ سياسيةٍ لإنهاء الأزمة الراهنة، ولكن حتى الساعة لم تتبلور أي صيغة اتفاقٍ حول الحوار المنشود، بحسب مصدر معارض.
الكاتب: حسان الحسن