إكس خبر- لأول مرة تقول السعودية تعلمنا عبر الماضي ولن نكرّر تجارب الفشل. جملة قالها وزير خارجية السعودية سعود الفيصل بعد لقائه نظيره الإيراني محمد جواد ظريف وأضاف أن التفاهم مع إيران هو ضمان الاستقرار الإقليمي.
عندما يقول مثل هذا الكلام شخص مثل سعود الفيصل ورمزية بلاده في صراع طويل مع إيران وخوضها صلب ملفات كبرى لأزمات الدول التي عصفت بالشرق الأوسط بعد الربيع العربي أهمها مصر وسورية، ففي الكلام إعادة حسابات في العلاقة الثنائية المقطوعة منذ فترة بين البلدين المحوريين في المنطقة.
اللقاء «بظريف» لم يكن مجاملة ولم يكن أيضاً لقاء منع اشتباك، وقد جاء تحت ضغط أحداث اليمن التي قلبت توازنات المنطقة، وعندما يقول الفيصل أيضاً «تعلمنا من تجارب الماضي وهذه المرة سننجح في التوصل إلى تفاهمات، وإيران والسعودية ضمانة الاستقرار الإقليمي» فإن ذلك يعني بوضوح أن التفاهمات هي تفاهمات حول الإقليم.
سياسياً، مولود التفاهم الأول كان حكومة العبادي في العراق. ومعروف كل مساهمة من مساهمات إيران والسعودية ونتائج هذا التفاهم واضحة، وهذه الحكومة بدأت تقوم بإنجازات مهمة في توحيد الصف عسكرياً وسياسياً، والمعارك الميدانية وتقدم الجيش العراقي واسترجاعه معبر ربيعة وتقدمه في الموصل هب ثمرة هذا التفاهم ودليل واقعي عليه.
لا يقتصر التفاهم أو التعاون بين السعودية وإيران على العراق وحده فهناك ملف ينتظر ترتيب الأولويات. أولى أولويات السعودية اليمن، بينما تبدو أولوية إيران سورية.
بالنسبة إلى اليمن فهو يعتبر جزءاً من الأمن الداخلي السعودي، ومن الواضح أن اليمن أصبح خارج الحضن السعودي بصورة أو بأخرى، والغرب يتحدث عن أن إيران باتت تمسك بمضيق هرمز وخليج عدن ومضيق باب المندب.
في اليمن يمكن لإيران أن تساهم بعد أي تفاهم مع السعودية في رعاية تسوية يرتضيها الحوثيون، طالما أن السعودية لا مشكلة لديها بالتخلص من حزب الإصلاح الذي يمثل الإخوان المسلمين هناك، وطالما أن لا ايران لديها تطلع ولا الحوثيين لإخراج شريحة العشائر وكبار الضباط التي يمثلها الرئيس منصور هادي، فالأكيد أن اليمن «لم يعد تحت الإبط السعودي» وهذا الأمر الأساسي. وفي المحصلة التفاهم يمنح الحوثيين دوراً يشبه دور حزب الله في لبنان.
لكن لا حل في اليمن من دون ترتيب خليجي شامل. وهذا يعني أن العقيدة في البحرين حيث تخشى السعودية إذا طبقت الملكية الدستورية وحكومة منتخبة، أن يعمم الأنموذج على باقي دول الخليج، لذلك يقفز البحث نحو سورية، ولأن إيران أولويتها سورية، والسعودية تضع موقفها في دائرة الاستعصاء، ترسم لها إيران المخرج اللائق، ومضمونه الحياد في الشأن السوري الداخلي وحصر المعركة بداعش، واعتبار الصراع المسلح في سورية استنزافاً بلا قيمة والدعوة للحل السياسي، فلا يفترض أن تتبنى السعودية الخطاب التركي نفسه وتقول تفاهموا معي بدلاً من تركيا، ولا يمكن أن تستمر في تدريب معارضين سوريين وتقول أنا أتفاهم مع إيران.
واضح حتى الآن أن هذا التقارب لم يصل إلى هنا، لكنه آت وسيحصل، وهو مصلحة مشتركة وتعرف السعودية أن اعتمادها شريكاً إقليمياً بدلاً من تركيا هذا ممره الحتمي، ولذلك يبدو التفاهم حول اليمن وسورية على الطريق، فماذا ـعد اللبنانيون؟
هل هم متنبهون؟ وهل عليهم أن يكونوا جاهزين؟
سبق أن قام الرئيس سعد الحريري بمبادة تواصل مع العماد ميشال عون تحت العنوان الرئاسي، ويبدو الآن أنها كانت استباقاً لملاقاة ما قد يحدث إذا رسا عليه التوافق الإقليمي الدولي كخيار رئاسي، فلا يبدو الحريري مهزوماً بالقبول، بل مبادراً لتسهيل التفاهم وشريكاً فيه.
إذن ليس هناك ما يمنع أن يكون الحريري في خطوة مشابهة لدى السيد نصر الله كي لا ينتظر السعودية وإيران وتفاهمهما.
وفقاً لمصادر قريبة من حركة النائب وليد جنبلاط لا شيء يمنع أن تكون حركة جنبلاط نحو السيد نصر الله تحت عنوان كسر الجليد بالتنسيق مع الحريري، ولا شيء يمنع أن يكون سفر جنبلاط إلى باريس الذي رفض أن يكون على صلة بلقائه الحريري هو بالتحديد للقاء الحريري.
لقاء نصرالله بالحريري… يقترب.