في 5 أكتوبر 2011 استيقظ العالم على رحيل ستيف جوبز مؤسس شركة أبل، في الأيام التالية كان الشباب في الكويت يولون وجوههم تجاه شارع الزينة في منطقة الشويخ بسياراتهم الرياضية الفارهة من أجل لصق ستيكر التفاحة المقضومة عليها، لم يكن الأمر حزنا على جوبز ولكنه الولاء لأبل وآيفون.
يقول محمود ناصيف الذي يعمل في أحد محلات الشارع الشهير المزدحم بالسيارات:
– التفاحة المقضومة أصبحت موضة هذه الأيام، فالكثير من الشباب يأتون بسيارتهم ويطلبون لصق شعار «أبل»، ومنذ رحل جوبز والطلبات في ازدياد.
من عشاق «أبل»
سألت أحد الشباب أثناء انهماك العامل الآسيوي في لصق التفاحة المقضومة على الدعمية الخلفية بجوار لوحة رقم السيارة عن السبب وراء لصقها على سيارته، فقال:
– في الكويت هناك من يشجع ريال مدريد وهناك من يشجع برشلونة، هناك أنصار لكريستيانو رونالدو وهناك عشاق لميسي، أنا لا أحب الكرة لكني من أكبر أنصار أبل.
هذا المشهد الذي يتكرر كثيرا في شارع الزينة، والذي ربما يصادفك وأنت تتوقف في إشارة مرور حيث تلمح شعار التفاحة المقضومة على خلفية السيارة التي أمامك، مظهر صارخ على الولاء للماركة من عشاق الآي فون والآي باد، والمشهد نفسه يتكرر في أماكن كثيرة في الكويت من بينها سوق الجمعة مع اختلاف في بعض التفاصيل.
ستلمح هذا الولاء للماركة في أي محل يبيع ماركات معروفة عالميا من العطور والنظارات والساعات والحقائب النسائية والأجهزة الإلكترونية.
يقول أبو باسل الذي يعمل في مجال الساعات الفخمة منذ 20 عاما ويدير محلا لماركات الساعات العالمية:
– من خلال سنوات عملي الطويلة في مجال الساعات ألاحظ أن هناك أشخاصا يعشقون ماركات بعينها، يأتون كل فترة ويسألون عن الساعات الجديدة التي نزلت إلى الأسواق أخيرا من الماركة ذاتها، على الرغم من أنه اشترى من قبل ثلاث أو أربع قطع منها ويرتدي واحدة في يده. ورغم أن ثمن بعض ماركات الساعات الفخمة المرصعة بالذهب والماس باهظ جدا، فإن هؤلاء لا يعترضون على السعر أبدا، فكل ما يهمهم هو الحصول على ماركتهم المفضلة، وبأي سعر.
الولاء للعطور ومستحضرات التجميل
أما أنوار عيتاني التي تعمل في مجال العطور ومستحضرات التجميل في أحد المراكز الشهيرة فتقول:
– لا تستطيع المرأة مقاومة إغراء الماركة العالمية الشهيرة، ومن الصعب على أي امرأة تغيير ماركة معينة في مجال العطور ومستحضرات التجميل تستخدمها وتشعر بالراحة معها. ورغم أن سعر الكثير من الماركات العالمية ليس في متناول الجميع لكنه الهوس بالماركة.
أما زميلها أيمن بسطا المسؤول في المركز نفسه الشهير فيتحدث عن الرجال قائلا:
– عندما يتعلق الأمر بمجال العطور الرجال ليسوا أقل إدمانا لماركات بعينها، فالكثير منهم يدينون بالولاء لماركة عطر محددة، لدرجة أنهم يستخدمونها لمدة عشرة أو عشرين عاما ولا يغيرونها أبدا مهما كانت الإغراءات.
الشعور بالضعف
الأمر لا يختلف كثيرا بالنسبة للشباب، خاصة عندما يتعلق الأمر بالماركات الرياضية ،فجاسم الحبيب الذي يبلغ من العمر 18عاما يؤكد لي أنه يمتلك أكثر من 90 قطعة من الملابس والأحذية التي تحمل شعار ماركة رياضية مشهورة، ويقول الحبيب:
– كلما نزلت قطعة جديدة إلى الأسواق لابد أن أشتريها، أيضا أحتفظ بالقديم ولا أتخلص منه أبدا. أشعر بضعف أمام هذه الماركة.
أقرب طريق إلى السجن
قد يرى البعض أن الهوس بماركة ما والولاء لها أمر شخصي ولا غبار عليه مادام المرء قادرا على دفع تكاليف الفاتورة، لكن المشكلة عندما يقع البعض في إدمان ماركة تكلفه أكثر من طاقته فتسبب له العديد من المشاكل، وربما ينتهي به الأمر الى السجن على حد قول المحامي محمد طالب:
– لا أبالغ إذا قلت ان البعض يدمن الولاء للماركات مثل المخدرات تماما، وهذا الولاء قد يكون أقرب طريق الى المحاكم والسجن. أتحدث هنا عن الشخص المهووس بالماركات التي تقدر بالمئات والآلاف ودخله يكفيه بالكاد، وأنا أعتبر هذه النوعية من الأشخاص، رغم مشاركته في المسؤولية، ضحية، فنحن نعيش اليوم في مجتمع لم يعد يقيم الأشخاص وفقا لقيمهم الأخلاقية أو مؤهلاتهم العلمية، وإنما أصبحت النظرة تجاه الشخص تقاس من خلال الماركة، بداية من الملابس والإكسسوارات التي يرتديها مرورا بماركة السيارة الفخمة التي يركبها، ونهاية بالهاتف الذي يحمله.
وبسبب هذه النظرة الضيقة تورط الكثير من الأشخاص، وخاصة الشباب، بقروض وديون لا طائل لهم بها، والسبب الظهور أمام الناس في مستوى يفوق إمكاناته عن طريق الماركة العالمية التي تخطف العقول والأبصار.
ومن يلق نظرة على القضايا المعروضة على المحاكم سيهوله كم القضايا التي كان سببها ولاء البعض الزائف لماركات عالمية، خاصة السيارة الفارهة التي يفوق سعرها عشرات الآلاف، ولا يستطيعون أداء ما عليهم من أقساط، فتضطر الشركات لرفع قضايا عليهم ولا يكون أمام هؤلاء إلا السداد ببيع ما وراءهم وما أمامهم أو بالاستدانة من جديد أو دخول السجن. وهذا الكلام ليس من خيالي، لكن من واقع الكثير من القضايا التي عرضت عليّ أو تلك المعروضة أمام القضاء.
قصة الشعر والتاتو
ربما من أطرف الوسائل التي يعلن بها بعض الشباب عن ولائهم لماركة معينة إقدامهم على قص شعورهم على شكل الماركة المفضلة لديهم، كأن يطلب شاب من الحلاق عمل قصة على شكل التفاحة المقضومة أو على شكل شعار محرك البحث «غوغول».
كما يلجأ بعض الشباب إلى وضع تاتو ثابت أحيانا ومؤقت في أحيان أخرى على أجزاء من جسده إعلانا عن عشقه لماركة محددة، وبالطبع فعشاق الآي فون في المقدمة دائما.