إكس خبر- من الرقة الى عرسال مروراً بالموصل يفتح تنظيم “داعش” جبهة تلو أخرى، مرسخاً خطته لاسقاط الحدود بين الدول وإقامة دولته المارقة، ودافعاً حمم البركان الاقليمي المتفجر الى مناطق جديدة. وحتى مظلة الاستقرار اللبناني التي ضاقت في عيون بعضهم، حسداً ربما أو رغبة في تصفية حسابات سياسية ومذهبية على الأرجح، لم تعد كافية لحماية هذا البلد الذي لم يكن أصلاً بمنأى تام عما يحصل.
كثيرة هي التساؤلات عما اذا كانت ثمة قوى اقليمية قادرة على مواجهة الخطر الداهم لهذا التنظيم أو ما اذا كانت ثمة استراتيجية دولية حقيقية للتصدي له.
عندما أرغمت “الدولة الاسلامية” مسيحيي الموصل على مغادرة بيوتهم هرباً من موت محتّم، خرج بعض من السياسيين الاوروبيين يتباكون على مسيحيي الشرق، علماً أنهم كانوا الى وقت قريب يتجاهلون وجودهم، ويرفضون منحهم حق اللجوء. وتوحي السجالات بين اليمين واليسار في أوروبا، باحتمال استغلال هذه القضية سياسياً، تماماً كما كان يحصل مع موارنة لبنان خلال الحرب الأهلية.
وبعد مسيحيي الموصل، وقبلهم سكان الرقة ومدن سورية واسعة، ها هم ايزيديو العراق يواجهون اضطهاد “داعش” على مرأى ومسمع من العالم. وعلى مساحات تفوق مساحة لبنان أو الأردن أضعافاً، يتجاوز التنظيم بممارساته في سوريا والعراق، وحشية “طالبان” و”القاعدة”. وبعد تقارير عن عمليات صلب ونحر واعدام، ثمة مخاوف من أن يلجأ التنظيم الذي سيطر على سد الموصل، الى اغراق المدن والبلدات والحقوق على طول نهر الفرات وصولاً الى كربلاء. فمع تلك الضروب من العدمية التي أظهرها التنظيم يمكن بسهولة تصور أمر كهذا.
وإزاء التمدد السريع لهذا التنظيم، صار البحث عمن يستطيع وقفه مسألة ملحة ومصيرية. وثمة من يرى أن الأكراد هم القوة الوحيدة القادرة على القيام بهذه المهمة، وأن على الولايات المتحدة دعمهم عسكرياً لتحقيق هذا الهدف. حتى المالكي نفسه أمر سلاح الجو العراقي بشن غارات جوية لدعم الأكراد، وهو ما يؤكد عجز الجيش العراقي عن مقاتلة “داعش” بنفسه. وفي المقابل، أرسل النظام السوري إشارات عدة في هذا المجال. فبعد الغارات التي شنها على مقاتلي التنظيم داخل الأراضي العراقية، تدخل أخيراً على خط المواجهة في عرسال بقصفه مواقع للمقاتلين أيضاً.
من المؤكد أن الأكراد لن يحاربوا عن بغداد بلا ثمن، وان النظام السوري لا ينوي بالطبع تقديم ما عنده من دون مقابل، بعدما تغاضى طويلاً عن تمدد “داعش” على حساب خصومه الآخرين. حتى الآن يبدو الجيش اللبناني وحده يدافع عن أرضه بلا مقابل ولكن بثمن باهظ!