إكس خبر- نحن الأتباع المخلصون المرتقبون لخطاب رمضان، بوله المريد وحماسة المجاهد، نحن الذين جمعنا محوري المقاومة والممانعة في إطار واحد وألف بين قلوبنا، واستطعمنا طوال أعوام خطابات النصر الطويلة حتى لكأنها قبلة عاشق، وردننا الأغاني الحماسية في جميع المناسبات الخطابية حتى يغمرنا الوله ويجذبنا الشوق، فلا تغادرنا نكهة الاحتفال والوعود.
أوشك رمضان أن ينقضي من دون أن نتغذى على خطاب الأمين العام للحزب وهذه ليست العادة والجرعة، ثم إن غزة تتعرض لعدوان متوحش آثم يعصف بأهلنا هناك ويغتال مستقبلهم قبل حاضرهم، ويجعل بيوتهم قبوراً ما يتطلب حضوراً خاصاً للسيد، فنحن لم ننشأ إلا من أجل هذا اليوم، ولا وجهة لنا سوى غزة وجوارها، إلا أن صبرنا ضاع في سحب الصمت الطويلة، فلم نعد نعرف كيف نمضي أو ماذا نفعل.
لجأنا إلى قناة «المنار» فهي المنبر والصوت، فوجدناها متعبدة متهجدة لا تورد إلا أخباراً عاجلة، وكأن ما يحدث لا يعني «المقاومة» ولا يتطلب تحركاً من «الممانعة». ثم قصدنا الأخت غير الشقيقة «الميادين» فأرهقتنا بكل الأناشيد الوطنية، أما أخبارها فتمضي إلى انتصارات الجيش السوري الشقيق بتفصيل طويل، بينما الحرب على غزة لا تأخذ أكثر من حصة اضطرابات أوكرانيا، فظننا أن في الأمر ما يريب وأن الحنكة والبراعة تقتضيان الترقب والانتظار حتى ينجلي الأمر أو تسبقه آخر جمعة في رمضان، حين يحل موعد «يوم إحياء القدس العالمي»، لتأتينا الكلمة الفارقة ونستمع إلى موقفنا مما يجري وطريقة مقاومتنا له.
سألنا شركاؤنا في المحور فقالت لنا الرفيقة بثينة شعبان: العدوان على غزة هو عدوان على سورية لكننا مشغولون الآن بمكافحة الإرهاب… ثم إن البراميل تكاد لا تكفي حلب. والحق أننا لا نثق بها كثيراً فهي سبق أن أنكرت فضلكم حين قالت إن تدخل حزبنا الرباني لم يكن سبب صمود بلدها وإنما هو فعلهم وتضحياتهم! حاولنا العودة إلى المنبع والأصل فلم نجد اهتماماً يذكر، فالملف النووي وأحداث الشام لم يتركا فسحة في بال شغلته الأزمات الكثيرة.
نقول من باب الاستتابة والندم، إن بعضنا ركبته شياطين لم تصفد فوسوست لهم: من يضمن أن يبقى شيء من غزة حين تطل الجمعة الأخيرة؟ أليس نحن الذين أرهبنا الفرنجة في 2006 فأنقذنا لبنان من الاحتلال؟ أليس دورنا الوحيد هو الحرب على الصهاينة والقضاء عليهم؟ أليس كل استعدادنا من أجل هذه اللحظة؟ هل يعقل أن يقتل إخواننا في الدم والدين ونترك الصهاينة يتمددون ويتمتعون بالأمن؟
نعلمكم أننا نفثنا على هذه الوساوس، وحذرنا الرفاق من الانزلاق خلف أبواق الخصوم والحاقدين، وشرحنا لهم أن سبب الدخول في سورية هو المعلومات الموثقة المتوافرة عن وجود مخطط «رسمته الاستخبارات الأميركية والإسرائيلية واستخبارات غربية وعربية للتخلص من حزب الله ومحاصرته والقضاء عليه، وتجريده من سلاحه لأجل ضمان إسرائيل»، فكان لبواسلنا اليد العليا في دحر هذه المخططات وتشتيت الجماعات الإرهابية، وهو أمر أجل وأسمى من مناوشة عابرة لنا فيها قصب السبق أولاً، ثم إن انتصارنا في سورية سيمهد لنا الطريق إلى العراق لملاحقة المخطط هناك وهذه هي المقاومة في جوهرها، وأوضحنا لهم أننا لم نصمت ويكفي أن السيد صباح أمس هاتَفَ مشعل وشلّح وشد على أيديهما وأشاد بالمقاومة.
نعلمكم أرانا الله إياكم رأي العين بعد هذه الغيبة الطويلة، أننا لم نعد قادرين على إقناع الأتباع بكل ذلك، فوسائل التواصل أفسدتهم، والشفافية شجعتهم، والمشاهد الدامية الخائنة حرضتهم، بينما لا يقتنعون بإجابة ولا يفهمون سر تحركنا وما يسمونه بهتاناً تخبط خطواتنا، فكيف نسكت ونحن سادة المقاومة؟ نهمس إليكم بحياء أن الشك يغمرنا والحيرة تتلبسنا، فلم نعد نجد «المحور» ولم نعد نفهم «المقاومة» بعد أن غدرت قبلتها، أما «الممانعة» فهي الصبر الذي يوشك الغاوون على هجره.