إكس خبر- تستفيق كارلا يومياً عند السادسة صباحاً على صوت منبّه هاتفها الخليوي، عيناها حمراوتان ولون بشرتها باهت، ويعاني وجهها من هالتين شديدتي السواد. تتوجه إلى جامعتها ثم إلى عملها لتعود في وقتٍ يناهز الساعة الحادية عشر، وتغفو كل ليلة نسبياً عند الواحدة صباحاً. إذن رصيدها من النوم لا يتعدى الخمس ساعات. في الواقع ما من أحدٍ لم يعانِ من اضطرابٍ في النوم في مرحلةٍ ما من حياته، لكن أن يُحرَمَ الإنسان من النوم لفترةٍ طويلة ليصبح الأمر عادةً يومية، فهو أمرٌ شديد الخطورة.
من هم أكثر من يعاني من قلة النوم؟
أوضحَ “اتحاد المعاهد الوطنية للصحة” في بيثيسدا في ولاية ماريلاند الأميركية في آذار الماضي أن البالغين يحتاجون لثماني ساعات من النوم، الشباب لتسع ساعات، الأطفال من 10 إلى 12 ساعة، والرّضّع بين الـ12 والـ14 ساعة. الأخطر في مسألة قلة النوم هو أن الفرد لا يعرف فعلياً أنه يحرم نفسه من النوم، بل يصبح مقتنعاً بأن هذا هو القَدر الذي يحتاجه، خصوصاً من يفرض عليه أسلوب حياته ذلك، فالأطباء يعانون كثيراً من قلة النوم جرّاء مهنتهم الإنقاذية في أيّ وقتٍ كان، والطيارون يفتقدون لراحة النوم بما أن ساعات نومهم غير منتظمة، أما سائقو الشاحنات فيستفيقون في ساعات الفجر الأولى لتجنّب حركة المرور الكثيفة خلال النهار، فيما على من يعملون في الحانات(Bartenders) التي تظل أبوابُها مفتوحة حتى ساعات الصباح الأولى، أن يظلوا يقظين طوال الليل. طلاب الجامعات بدورهم لا يحصلون على قسطٍ كافٍ من النوم، ففي الولايات المتحدة أكدت دراسة قام بها المركز الصحي في جامعة جورجيا في تشرين الثاني 2013 أن معدل ساعات النوم التي يحصل عليها الطلاب في الجامعات الأميركية لا يتعدى الـ6 ساعات فقط في الليلة الواحدة.
العوارض المخيفة لقلة النوم
احمرار العينين وتغيّر لون البشرة هما أبرز دليلين على قلة النوم، وبعد ليلةٍ واحدة فقط ينتقص فيها الفرد من ساعات نومه، ينعكس ذلك على شكله ومظهره. كما أنه يصبح أكثرَ جوعاً بعد فترة، فيستهلك كميات أكبر من الطعام ليرتفعَ احتمالُ زيادة وزنه. كذلك يضعف جهاز مناعته فيُصاب بالأمراض أكثر من غيره وينعدم التركيز الفعلي لديه، وما حوادث السير الناتجة عن نوم السائق خلال قيادة سيارته إلا دليلٌ على ذلك. أما قدرته على التّذكّر فتخفّ جدّاً ويُصاب بتقلبات مزاجية تؤثّر سلباً على علاقاته الإجتماعية. من هنا، تتكاثر المخاطر وتؤثّر على المدى الطويل عليه، إذ يزداد عنده خطر الإصابة بالسرطان خصوصاً سرطان القولون وسرطان الثدي حسب ما أعلنت “مؤسسة النوم الوطنية” في واشنطن في آذار 2013، كذلك يزداد أربع مرات عنده خطر الإصابة بسكتة دماغية، ومعه خطر الإصابة بأمراض القلب. كما أن معدل الحيوان المنوي عند الرجال يخف تدريجياً جرّاء الإرهاق الذي يصيبهم، وهو ما أعلنته “المنشورة الأميركية لعلم الأوبئة” في نيسان عام 2013.
نصائح لنومٍ هنيّ
– يُجمع الأطباء والأخصائيون على ضرورة أن يخلد الفرد للنوم باكراً وفي نفس التوقيت إذا أمكن كل ليلة، في توصياتٍ أعلنت عنها كلية الطب في جامعة هارفرد في نيسان من العام الماضي.
– ينصح مصممو الديكور الداخلي أن تكون غرف النوم “صديقة” للنوم أكثر، وذلك عبر المحافظة على درجة حرارة معينة فيها، الأفضل أن تكون 18 درجة مئوية، ويشيرون إلى ضرورة توفير سرير ومخدّة مريحَين.
– يُجمع أخصائيو التغذية على ضرورة الإمتناع عن استهلاك الكافيين قبل اللجوء إلى السرير مباشرةً، لافتين إلى أن الإستحمام بالماء الساخن هو أفضل حل يساعد على الإسترخاء والنوم أكثر.
قلة النوم مشكلة عالمية
معدّل النوم في لبنان غير معروف بما أنه لا وجود لإحصاءات، ولا حتى لتوعية على مخاطر قلة النوم، “اتحاد المعاهد الوطنية للصحة” في الولايات المتحدة أكد من ناحيته في آخر دراسةٍ له عن قلة النوم، أن أكثر من 20% من الأميركيين لا ينامون أكثر من 6 ساعات يومياً. قلة النوم هذه تكون أحياناً نتيجة أرقٍ يصاب به الإنسان، فيظلّ مستيقظاً لساعاتٍ عديدة، وراندي غارنر من ولاية كاليفورنيا الأميركية الذي يحمل الرقم القياسي في قلة النوم في كتاب غينيس، هو مثالٌ واضحٌ عن مخاطر الأرق، إذ بقي مستيقظاً لمدة 264 ساعة أي 11 يوماً على التوالي من دون أن يغفو لدقيقة واحدة، أما عندما طُلِبَ منه أن يطرح 7 من الرقم 100، في عمليةٍ حسابية بسيطة، توقف عندما وصل إلى الرقم 65 معلناً أنه لا يعرف ماذا يفعل، بدليلٍ قاطعٍ على انعدام التركيز الفعلي عند قليلي النوم. وقد لا تُفسَّر أهمية النوم إلا بهذا القول لصاحبه المجهول أنه “ليس هناك أمل لحضارة تبدأ كل يوم على صوت المنبّه!”
ماذا تربح بعد خلودك للنوم باكراً؟
– تبدو أكثر جاذبية لأنك استعدت صحة وجهك وعينيك بحسب ما أكدت دراسة للمجلة البريطانية الطبية، إذ جمع فيها الباحثون 23 شخصاً يعاني البعض منهم من قلة النوم فيما يتمتع القسم الآخر بـ8 ساعاتٍ من النوم كل ليلة، وعرضوا صورهم على 65 شخصاً ليقيّموا جاذبيتَهم، فتبيّن أن المعانين من قلة النوم حصلوا على أدنى النتائج في التقييم.
– تخف نسبة تعرّضك للأمراض بما أن النوم يقوّي من جهاز مناعتك، إذ بيّنت دراسة لجامعة “كارنيجي ميلون” (Carnegie Mellon University) في ولاية بنسلفانيا الأميركية، أن النوم لمدة أقل من 7 ساعات يرفع من خطر إصابة الفرد بالرشح.
– تحافظ على وزنك وتخف نسبة إصابتك بالبدانة، الأمر الذي أكدته دراسة لجامعة “أوبسالا” (Uppsala University) في السويد.
– تتمتع بعلاقة جنسية أفضل، بما أن قسط الراحة متوافر في جسمك، ولقد أكد استفتاء “النوم في أميركا” عام 2010 أن الحياة الجنسية عند 20 إلى 30% من الأميركيين تتأثر سلباً بنقص النوم لديهم.
– يتحسّن تركيزك وتتنشّط ذاكرتك، بحسب دراسة منشورة في مجلة “سليب” (Sleep Journal)، حيث تمت الإشارة إلى أن من ينامون أقل من ست ساعات في الليلة الواحدة يعانون من صعوبة في التذكر، بعد أن قاموا بامتحانات تحمل أسئلة عن أحداثٍ سابقة.
– تتمتع بمزاجٍ أفضل فيصبح يومك مريحاً و”إيجابياً”، الأمر الذي استنتجت إليه جامعة هارفرد في دراسةٍ لها، حيث تبيّن أن أكثر من ثلثَي المعانين من قلة النوم هم سريعو الغضب.