تعرض محيط بلدة الذهيبة التونسية الحدودية مع ليبيا لسقوط قذائف أطلقتها كتائب العقيد معمر القذافي داخل الأراضي التونسية، وذلك بعد يوم من قصفها مستودعات وقود في مدينة مصراتة (شرق العاصمة طرابلس)، بينما واصل حلف شمال الأطلسي (الناتو) شن ضرباته الجوية.
وقال مراسل الجزيرة في تونس مصطفى البقالي إن القصف على الجانب الآخر من الحدود التونسية ما زال مستمرا بقذائف الهاون وصواريخ غراد ومجموعة غير معروفة من الأسلحة، في مسعى على ما يبدو لفتح مسلك جبلي إلى معبر وازن الحدودي الذي سيطر الثوار على جانبه الليبي.
وأشار إلى أن سقوط القذائف على الذهيبة يخلق توترا بين السكان وهلعا وترقبا طوال الساعات المقبلة.
وكانت هناك أنباء عن سقوط قذائف قرب مركز للحرس التونسي، لكن لم يكن هناك أي رد ميداني من الجيش التونسي الذي اكتفى بتعزيز مواقعه والمراقبة عن كثب.
وأشار المراسل إلى أن القصف لم يتسبب في أضرار فعلية أو خطيرة، حيث لم يتم تسجيل أي قتلى أو تدمير ممتلكات، لكن الضرر نفسي بالنسبة للأهالي الذين يغادرون البلدة بشكل مؤقت ومحدود.
وبالنسبة لإمكانية توسع القصف، قال البقالي إن الحرب مفتوحة على كل الاحتمالات، لا سيما مع إصرار الثوار على الاحتفاظ بهذا المعبر لأهميته الإستراتيجية، ولن يتنازلوا عنه بأي حال.
يأتي ذلك بعد يوم من قصف كتائب القذافي لمستودعات وقود في منطقة قصر أحمد في مدينة مصراتة، وزرع ألغام في ميناء المدينة ومنفذها الوحيد للخارج باستخدام طائرات تحمل شعار الصليب الأحمر والهلال الأحمر.
وقال الثوار في مصراتة إن طائرات صغيرة تستخدم عادة للأغراض الزراعية قامت بقصف أربعة مستودعات للوقود تسبب احتراقها في تدمير أربعة أخرى كانت تغذي المدينة باحتياجاتها.
وفي زليطن (شرق طرابلس)، قال شهود عيان إن الوقود نفد من أغلب المناطق في الجهة الغربية إلى حدود رأس جدير، مشيرين من ناحية أخرى إلى أن كتائب القذافي تقوم بإغراء الشباب بالمال من أجل إعلان ولائهم للقذافي.
أما في نالوت (جنوب غرب طرابلس)، فقد أفادت مصادر الثوار بأن طائرات هليكوبتر تابعة للكتائب حلقت فوق المدينة، مشيرين إلى أن أهالي نالوت وما جاورها يخشون من عملية إنزال لكتائب القذافي على معبر وازن الحدودي.
وفي أجدابيا شرق البلاد، فقد خرج أهلها للتنديد بما ذكره إعلام القذافي من مزاعم بتقديم المساعدات المادية لهم شريطة رجوعهم إلى أعمالهم وممارسة الحياة الطبيعية.
وإلى الجنوب من أجدابيا وتحديدا مدينة جالو حيث عاشت أمس على وقع تهديد كتائب القذافي للأهالي بالخروج تأييدا للعقيد وإلا فسيتم قصف المدينة. هذا في وقت أعلن فيه قصف طائرات الناتو سيارة تابعة للكتائب.
وأفادت مصادر الثوار في مدينة الكُفرة (جنوب شرق) التي حررها الثوار بأنهم يلاحقون فلول الكتائب بعد خروجها من المدينة، وبدؤوا عملية تمشيط لمنطقة القريات والمزارع المحيطة بها.
عمليات الناتو
في هذه الأثناء، واصل حلف الناتو شن ضرباته الجوية على عدة أهداف في أنحاء من غرب ليبيا اليوم، وفقا لما أورده التلفزيون الليبي نقلا عن متحدث عسكري باسم الحكومة.
وقال المتحدث إن الغارات شملت مناطق قرب بلدة يفرن في الجبال الغربية والهيرة غرب العاصمة طرابلس، ومنشآت في مدينة مصراتة، لكنه لم يورد مزيدا من التفاصيل، ولم يرد تأكيد من جهة مستقلة.
وكان الناتو قصف مخازن القاعة جنوب الزنتان (جنوب غرب طرابلس) ودمر رتلين من الآليات حاولا الهروب من القاعة.
انضمام للثورة
وفي تطور آخر، أعلن أعيان وشباب منطقة أولاد محمود انضمامهم إلى ثورة 17 فبراير بقيادة المجلس الوطني الانتقالي في بنغازي.
وعقد اجتماع جماهيري في مدينة درنة شرقي ليبيا شارك فيه أنصار الثورة، وأكد المشاركون الذين قدموا من مدن وقرى مختلفة، استمرارهم في المظاهرات والاعتصامات حتى سقوط القذافي.
من جهته، قال رئيس الحكومة الليبية البغدادي المحمودي اليوم السبت في مؤتمر صحفي بطرابلس إن القبائل هي الممثل الشرعي لليبيين اليوم وليس المجلس الوطني الانتقالي الذي رأى أنه لا وجود له بعد الملتقى الذي عقدته تلك القبائل بحضور ألفي شخص من شيوخها ووجهائها يومي الخميس والجمعة الماضيين.
واعتبر أن القبائل هي المخول الرسمي للسياسة الليبية الآن ولا ممثل غيرها،
مضيفا “نحن لم نتدخل في هذا الملتقى، لكننا ملتزمون بكل ما جاء فيه من توصيات مهمة لوحدة وحقن الدماء الليبية”.
وأشار إلى أن هذه القبائل هي التي ستتولى عملية الاتصال بالمنظمات الدولية والدول العربية والأفريقية لمعالجة الوضع في ليبيا، ودعا من أسماهم المنشقين أو الذين قدموا استقالاتهم إلى ضرورة تحكيم العقل والمنطق من أجل حقن الدماء ومصالحة الليبيين.
ومن المقرر أن تستضيف العاصمة الإماراتية أبو ظبي اجتماعا لممثلين عن قبائل الغرب الليبي، ردا على اجتماع القبائل الذي تم في طرابلس وبايع الحاضرون فيه نظام القذافي.
لاجئون وجرائم حرب
دوليا، قالت المفوضية العليا لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة إن أكثر من ثلاثين ألف ليبي عبروا الحدود الغربية نحو تونس هربا من القتال، متوقعة ارتفاع عددهم إلى خمسين ألفا بنهاية الشهر الجاري.
وبدورها اتهمت منظمة العفو الدولية كتائب القذافي بارتكاب “جرائم حرب” عبر شن “هجمات عشوائية” على مناطق سكنية في مدينة مصراتة، وذلك بناء على تقرير قالت إنه أعد بعد زيارة لمصراتة من 14 إلى 20 أبريل/نيسان الماضي ومقابلات مع سكان تم إجلاؤهم.