إكس خبر- ولدت فاطمة في كنف عائلة متواضعة، وكبرت في أجواء محافظة، لكن عندما بلغت الرابعة عشرة من عمرها، تعرّضت لما لم يكن في الحسبان. ففي إحدى الليالي، استغلّ شقيقها غياب الأهل عن البيت، ودخل إلى غرفتها خلسة واعتدى عليها.
لم تقوى فاطمة على إخبار أهلها بداية، لم تتجرأ خوفًا من شقيقها الذي هدّدها بحياتها، وخوفًا من ردّة فعل والديها. وتقول لـ”النهار”: “حاولت إخبار والدتي ولكنها لم تصدقني وضربتني. سَكَتُّ على أمل أن تختفي تلك الليلة من ذاكرتي، لكن مرادي لم يتحقّق، فسكوتي سمح لشقيقي باستباحة جسدي مرّات عدّة بعد الحادثة الأولى، كما أن سكوتي جعلني أشمئز من نفسي وجسدي وضعفي”.
في تلك الأثناء كانت فاطمة تتابع دورات لمحو الأميّة في إحدى الجمعيّات، فتعلّمت أيضًا كيف تحمي نفسها من أي عنف أو اعتداء تتعرّض له. وهناك تمرّدت على واقعها وفكّكت عقدها الكثيرة، وأخبرت المسؤولين عنها عمّا تعرّضت له، فتغلّبت على انطوائها وخوفها، وتشجّعت لتقديم دعوى ضدّ شقيقها بالتعاون مع مكتب الأحداث UPEL.
مع تقديم الدعوى، رمّمت فاطمة القليل ممّا هُمّش في داخلها، وشعرت بأنها استردّت جزءًا من حقّها الضائع، من خلال معاقبة الجاني. ثمّ سجن الأخ ووضعت هي في مؤسّسة خاصّة لمعالجتها وحمايتها. لكنها لم تكن تعي أن حقّها سيغتصب مرّة أخرى كما انتُهك جسدها وعرضها، إذ “أجبرني والداي على إسقاط حقّي والتنازل عن الدعوى، تفاديًا للـ”جرصة” التي سبّبتها لهم. فأنا التي اغتصبها أخوها لأكثر من سنة هي مذنبة بنظر أهلي، وبدل أن يحموني منه، جنّبوه السجن، علمًا أن السجن أهون مما عشتُه وأعيشه”.
خرج الشقيق من السجن، وتركت فاطمة المؤسّسة وعادت إلى منزل أهلها ذليلة مهزومة. وتقول: “أُجبرت على العودة إلى المنزل، وأُجبرت على السكن مع شقيقي في المنزل نفسه من جديد. لم يكترثوا لما تعرّضت له، لكنني لم أسكت، لم أشأ أن أتعرّض للاغتصاب مجدّدًا، فجسدي ملكي وليس لأحد آخر. وأرادوا تزويجي ليغطوا فعلتهم فانتظرت بلوغ سن الثامنة عشرة وهربت من المنزل”.
تبلغ فاطمة اليوم الحادية والعشرين من عمرها، وهي تعمل في المؤسّسة التي عادت ولجأت إليها، وتتابع دروسًا خصوصيّة لتطوير نفسها وتعلّم مهنة تسمح لها بالعيش بكرامة، وهي تحاول لملمة جروحها وإكمال حياتها. لكن تخلّي أهلها عنها وحماية من سرق براءتها سيبقى ندبة في قلبها.