شاءت الأقدار أن يفتتح سجن طرة، الذي أصبح أشهر سجن في العالم خلال الأسابيع القليلة الماضية، بعد أن حل فيه كبار مسؤولي النظام المصري السابق، في نفس اليوم والشهر والعام الذي ولد فيه الرئيس المصري السابق حسني مبارك، والذي يتوقع البعض أن يحل فيه مع بقية افراد نظامه ونجليه علا وجمال.
أفتتح سجن طرة القابع في جنوب القاهرة، بالقرب من مدينة حلوان، يوم 4 مايو/أيار عام 1928، في عهد وزير الداخلية الوفدي الراحل مصطفى النحاس، وهو نفس اليوم الذي ولد فيه الرئيس المصري السابق محمد محمود إبراهيم حسني عبد السلام مبارك، في مصادفة غريبة وعجيبة، وكليهما – حسني مبارك وسجن طرة – سيحتفلان بعد أيام قليلة بعيد ميلادهما الـ83، وتتزايد المصادفة أكثر أن نفس العام الذي ولد فيه مبارك، وافتتح سجن طرة، تأسست فيه جماعة الإخوان المسلمين، التي طاردها مبارك طوال سنوات حكمه، وقبع فيه كل أفراد الجماعة الذي حكم عليهم بالسجن.
على مدار ما يقرب من 30 عاما، ظلت الصحف القومية تحتفل بعيد ميلاد الرئيس السابق حسني مبارك، على صدر صفحاتها الأولى، في افتتاحية كانت معروفة للقراء، عن قدرات وحكمة مبارك، ولكن هذا العام ستختفي هذه الاحتفالية، بعد أن أصبح أول رئيس مصري يطلق عليه لقب ” سابق ” ومطاردا في ساحات القضاء.
اكتسب سجن طرة شهرته العالمية في شهر فبراير / شباط الماضي، وزادت شهرته أكثر مع توالي استمرار وصول كبار مسؤولي نظام مبارك، له حتى وصل عددهم حتى كتابة هذه السطور إلى حوالي 36 شخصية، ومن المتوقع زيادة العدد في الفترة المقبلة، مع تواصل تحقيقات النائب العام في قضايا الفساد التي تعج بها الساحة المصرية.
قيل شهرين كانت محطة مترو أنفاق طرة، مجرد محطة في محطات المترو الذي افتتحه مبارك عام 89، إلا أنها أصبحت الأشهر من بين 34 محطة على خط المترو الأول، الذي يربط بين حي ” المرج ” ومدينة حلوان، وكان يلفت نظر الركاب أنتشار الـ”توك توك” الموجود بكثافة أمام المحطة لنقل أهالي المحبوسين في سجن طرة، من المحطة إلى السجن، وكان الفرد يدفع جنيهين فقط لنقله، إلا أنه مع تزايد شهرة السجن ارتفع ثمن نقل الفرد من جنيهين إلى خمسة جنيهات، وأطلق الشبان الصغار العاملين على الـ”التكاتك” مسمى جدد على السجن الشهير “بورتو طرة” أو “طرة بلازا.”
وعلي باب السجن تجد العشرات من الأهالي الذين يقفون في انتظار السماح لهم بالزيارة حاملين من الأطعمة والأغطية والأدوية لأبنائهم الذين يرونهم مرة في الشهر وفى المناسبات، وتحول الحديث أمام البوابة عن أشهر النزلاء بالسجن الأن وهم رموز وقيادات النظام السابق.
عرف عن سجن طرة، أنه سجن المشاهير في المجتمع المصري منذ سنوات طويلة، حيث كان من أشهر سجنائه سابقا التوأم مصطفى وعلي أمين، اللذان أسسا مؤسسة أخبار اليوم للصحافة، وكذلك زعيم جماعة الإخوان المسلمين الراحل سيد قطب، بجانب مؤسس حزب الغد أيمن نور، ورجلي الأعمال حسام أبو الفتوح وهشام طلعت مصطفى، والجاسوس الإسرائيلي عزام عزام.
وفيه كذلك، حبس الرئيس المصري الراحل أنور السادات، كل رموز المعارضة عام 81، قبل أسابيع قليلة من عملية اغتياله بالمنصة، كما ضم السجن في الفترة الأخيرة عدد من السجناء السياسيين المحولون من السجون الأخرى ومنهم عبود وطارق الزمر، قبل الإفراج عنهما، وكذلك أقدم سجين مصري نبيل المغربي، ومعه سجناء قضايا الوعد وطلائع الفتح وكذلك قضية الأزهر وتفجيرات شرم الشيخ والمحكوم عليهم عسكريا بعد الثورة.
ويضم سجن المرزعة “4” عنابر بجانب مسجد ومكتبة وملعبين للكرة والتريض والكافتيريا، ويضم عنبر “1” رجال النظام السابق، بينما يضم عنبر “2” بقايا أعضاء الجماعة الإخوان المسلمين، أما عنبر”3″ فخاص بالمحكوم عليهم من ضباط الشرطة والقضاة في قضايا رشوة، في حين يضم عنبر “4” المتهمين بالقضايا الجنائية والمخدرات.
تحاط المنطقة المركزية لسجون طرة بسور كبير يعلوه ما يقرب من200 برج للمراقبة، علي مساحة 50 فدان تطل على طريق الأتوستراد، وفى الجهة المقابلة كان يقع الجبل الذي يقوم بتكسيره أصحاب الأحكام الشاقة، وهو السجن الوحيد الذي لم يتعرض للهجوم أو فتحه خلال ثورة 25 يناير/كانون ثان، نظرا لشدة الحراسة عليه وكذلك لكثرة السياسيين به.