خاص إكس خبر ـ القاهرة / سالي صديق :
سفر الأب وغيابه عن زوجته وأولاده مشكلة متكررة، ولا أحد ينتبه إلى خطورتها إلا بعد وقوع أزمات صعبة التداوي، فمثلما الأم هي مركز الأسرة، فالأب هو صمام العائلة، ومصدر الأبناء للاستقرار النفسي والوجداني، وتواجده يقوي عزيمة الزوجة أيضا، وبالطبع الأسر المستقرة يكون سفر الأب فيها باستمرار اضطراريا من أجل العمل وتأمين متطلبات الحياة، وتتنوع الآثار النفسية والاجتماعية لهذا الوضع على الآبناء حسب مدة السفر وبعد المكان ومدى علاقتهم بالأب، فيما تظل الزوجة عليها العبء الأكبر لأنها تقوم بدوري الأب والأم معا.
أزمات نفسية وفقدان للقدوة
تجد الأم نفسها واقعة تحت ضغط نفسي قوي نتيجة المهام الملزمة بها، فعليها أن تملأ فراغ الأب نفسيا ومعنويا وتقوم بمهامة أيضا، وفوق كل ذلك عليها مراعاة ظروف أطفالها نتيجة عدم لقاءهم بوالدهم كثيرا، كأن تقوم بامتصاص غضب الأولاد وتعطيهم الحنان والحب في الوقت الذي تكون هي فيه بحاجة إلى الفضفضة وإلى من يعينها على التوترات العصبية والضغوط من جراء غياب الزوج.
فالطفل يحتاج إلى رعاية الأب منذ الشهور الأولى في حياته، والأمر يكون له أهمية خاصة بدءا من عمر السنتين وحتى يصل إلى سن 10 سنوات يكون الطفل قد اكتسب كثير من ثبات وقوة الشخصية من والده الذي يكون المؤثر الأول في تكوين شخصيته بجانب الأم، وبالطبع فيما بعد وجود الأب أساسي خصوصا في مرحلة المراهقة كي يكون سندا لأبناءه في هذه الفترة الحرجة.
آلام جسدية ليس لها تشخيص..هكذا يعبر الأطفال عن حزنهم!
حينما يجد الأطفال أنفسهم في كل مرحلة بعيدين عن الأب وقت الحاجة إليه، يصابون بعدم التوزان النفسي، ويكون القلق رفيقهم وكذلك التوتر، ولكن الأمر قد يتطور إلى ماهو أبعد من ذلك ويصاب بعضهم باضطرابات في النوم وصعوبات في التعلم مما يترتب عليه أن يصبح الطفل شخص أكثر عدوانية ولا يركز على الأنشطة الإيجابية المفيدة، بل قد يكون بحاجة للعرض على طبيب نفسي للحد من تلك الاضطرابات.
وبحسب الأطباء وبحسب تجارب الأمهات أيضا، فإن غياب الأب المتكرر وحزن الأبناء بسبب هذا الوضع، قد يؤدي لاحقا إلى مشكلات صحية بدنية، كأن يشعر الأبناء بألام جسدية ليس لها سبب محدد ويحتار الأطباء في تشخيصها، وفي نفس الوقت لا يستطيع الطفل التعبير عن ما بداخله وفي بعض الأحيان، بخلاف ذلك قد يدعي الطفل المرض ويتسبب في قلق من حوله وهو سليم معافى وهذا يعتبر أيضا نوع من أنواع الضغوط النفسية التي ينتج عنها تصرفات تؤذي جميع الأطراف وأولهم الأم، وفيما يتعلق بالأبناء الإناث ففي مرحلة المراهقة تحديدا يشعرن بكثير من التوترات التي لن تحتويها الأم وحدها، بل يجب أن يكون أبا يشعرها بقوتها وبكيانها فهي تستمد ثقتها بنفسها من وجود الأب في حياتها الاجتماعية والدراسية والعملية والزوجية فيما بعد.
هدايا فخمة وأموال بلا حساب تعويضا عن غياب الأب!
اللافت أن بعض الآباء قد يتصورون أنهم يمكنهم تعويض غيابهم بإهداء أبنائهم هدايا فخمة ومنحهم الأموال وكذلك الزوجة، ولكنهم لا ينتبهون إلى تأثير غيابهم إلا بعد فوات الآوان، فسفر الأب الدائم يؤدي الى خلل في الضبط الاجتماعي، فتحدث فوضى عارمة في إدارة الأسرة ويتخلي كل فرض عن دوره وعن واجباته تدريجيا، وهذا بدوره يؤثر على المجتمع، فعند المبالغة في منح الأطفال المال يتصرفون بلا مسؤولية وتزداد الأزمات.
تصرفات على الأم اتباعها
وبشكل عام، جيب أن تكون الزوجة واعية وذكية حينما تتعرض لمثل تلك الظروف، فيمكنها أن تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة لتجعل أطفالها على تواصل دائم مع الأب بالصوت والصورة، في أوقات مختلفة من اليوم، وبالبطع مع مراعاه ظروف عمل الأب، وأن تجنبهم لحظات الوداع الأخيره قدر المستطاع لأنها تترك آثار سلبيه في نفسيتهم، كما أن الأب يمكنه الاعتماد على الهدايا المميزة بغض النظ عن ثمنها وأن يجلب لهم مجموعة من القصص المسلية والمفيدة مع كل سفرية له، وعلي الأم أيضا أن تبتعد عن تهديد الأطفال بعقاب الأب حينما يعود، وألا تهددهم بأنها سوف تخبره بالمشكلات التي ارتكبوها كي لا ينفرون منه ويخافون من مواجهته، وكل هذا أن تتخلى بالصبر وقوة التحمل والوعي.