بدأ نظام جديد للخدمة المنزلية يشق طريقه داخل المجتمع، وهو ما أعلن عنه بعض المكاتب وتناقلت السيدات أخباره، بعضهن رحبن بالفكرة ووجدن فيها حلاً لمشكلات عدة، أما الأخريات فأخذن في تعديد سلبياتها، مؤكدات أن النظام المتعارف عليه هو إحضار الخادمة من بلدها عن طريق مكاتب الاستقدام المعتمدة، وجعلها على الكفالة الشخصية لصاحب الدار هو الأفضل والأكثر أماناً، وحتى الخادمات انقسمت آراؤهن أيضاً، فواحدة ترى أن هذا النظام أفضل من أن تكون على كفالة صاحب البيت، مما يجعلها أشبه بالموظفة التي تعمل بدوام، ويعطيها قدراً من الكرامة الإنسانية التي تشكو بعضهن من فقدانها، بينما تجد فيه أُخريات إرهاقاً أكثر من المعتاد، وهو ما قالت عنه إحداهن: إنه نظام يجعلها تعمل ك” الماكينة” طوال اليوم دون توقف أو راحة.
وتختلف الأنظمة التي تعمل تبعا لها تلك المكاتب، ففي حين تنفي مكاتب استقدام العمالة وجود نظام العمل بالساعات لديها، وأن نظام جلب الخادمة على الكفالة الشخصية لمخدومها لمدة عامين هو المعمول به لديها، تعلن مكاتب “التنظيفات” عن وجود عمالة بنظام الساعات، مع توافر العقود الشهرية والأسبوعية، وبجولة ل”الرياض” على بعض تلك المكاتب، رصدنا بعض الأسعار والأنظمة المتوفرة فيها، فأحد مكاتب الخدمات الذي تتنوع أنشطته لتشمل كافة أنواع أعمال النظافة بما فيها مكافحة الحشرات، تتيح نظام تأجير الخادمات بالساعة، وحسب الموظفة العاملة بالمكتب، يدفع الزبون 100 ريال مقابل جلب خادمة تعمل لمدة 4 ساعات يومياً على أن يقوم المكتب بتوصيلها من وإلى منزل الزبون، أما إذا قام أصحاب المنزل بتلك المهمة، فتزيد ساعات العمل إلى 5 ساعات بنفس المقابل.
حيث تقول إحدى الموظفات: إنه يمكن عمل العقود الأسبوعية واليومية بنفس السعر والنظام، مؤكدةً أن جميع العاملات الموجودات بالمكتب “مضمونات”، ويكون المكتب مسؤول عنهن أمام زبائنه، موضحة أنهن يكن على كفالة مدير الشركة نفسه.
وهناك مكاتب أخرى للخدمات تعتمد نظام الخدمة المؤقتة على هيئة عقود شهرية أو نصف شهرية، وتتراوح أسعارها بين 1300 إلى 1600 ريال شهرياً، ونصف المبلغ في حالة التعاقد يوم ويوم، وتكون الخادمات من جنسيات عديدة على حسب رغبة الزبائن، وهنا يقول مسؤول بأحد تلك المكاتب: إنهم يحرصون على أن تكون الخادمة هي ذاتها التي تذهب للأسرة الواحدة شهرياً أو أسبوعياً، حتى تعتاد البيت الذي تعمل فيه، ويكون أفضل لها وللبيت نفسه، كما يعتادها أهل البيت، وهذا يجعلها مثل الخادمة المقيمة بمنازل مكفوليها، موضحاً أنه يتم تغيير الخادمة التي ربما لا يعجب أداؤها صاحبة المنزل خلال نفس الفترة التي تم التعاقد عليها.
“أم سليمان” سمعت للتو بوجود هذه الخدمة، وقالت: إنها وجدت فيه حلاً لمشكلة طالما بحثت لها عن حل مناسب ولم تجد، فهي تحتاج إلى من يساعدها في أعباء المنزل، خاصةً وأنها امرأة عاملة، لكنها لم تكن ترتاح لفكرة أن يشاركها أحد منزلها حتى لو كانت خادمة، مضيفةً: “كنت دائماً أتمنى أن أجد من يساعدني في تنظيف البيت، فدوام عملي يستقطع وقتاً كبيراً من اليوم، وعندما أعود إلى المنزل يكون علي إعداد الطعام والمذاكرة لأولادي، ولا يتبقى من وقتي شيء لتنظيف المنزل والاعتناء به، وبالتالي يتكدس العمل علي”، مبينةً أن العطلة الأسبوعية لا تكفي لإنجاز الأعمال، مشيرةً إلى أنها سعيدة جدا بهذا النظام، ومن المشجعين له، ولا يهمها إن جاءت الخادمة يومياً، أو يوماً بعد الآخر، المهم أنني سأجد يداً تعاونني في إنجاز مهامي المنزلية.
وتتفق معها “هيفاء العتيبي” – أم لطفلين وتعمل في مجال التعليم -، حيث تجد في هذا حلاً مناسباً لظروفها، فهي تعاني كثيراً في إنجاز مهام بيتها، في الوقت الذي يرفض زوجها تماما فكرة إدخال خادمة إلى البيت بشكل ثابت، مبينةً أنها حاولت مرات عدة إقناع زوجها بضرورة جلب خادمة، إلا أنه كان يقابل طلبها بالرفض، رغم أنه يشفق علي من أعباء المنزل، ودائما يقول لي: افعلي ما تستطيعين عليه واتركي الباقي، لكنني لا أرضى أن يكون منزلي غير نظيف، لذا أضغط على نفسي كثيراً، خاصةً وأن أطفالي صغاراً ودائماً ما يتسببون في فوضى لا تُحتمل، لافتةً أن زوجها لم يكن الوحيد الرافض لاستقدام الخادمة، فأنا أيضاً لم أكن مرتاحة لإقامتها في بيتنا، فهي – مهما كانت – شخص غريب، سيشعرني أنا وزوجي أن حريتنا “منقوصة” على مدار الساعة، بعكس التي تأتي بضع ساعات تنجز مهامها وتنصرف إلى حال سبيلها.
لكن “أم خالد السلوم” لا تثق في هذه الطريقة لجلب الخادمات وترى فيها مشكلات عديدة وتقول: عمل الخادمة له خصوصيته، وليس كباقي الأعمال التي يمكن استئجار أشخاص لها يتغيرون كل فترة، فهي تدخل المنازل وتطّلع على أسرارها وعلى أحوال أهلها، فمن يضمن لي ألا تخرج من بيتي لتفشي أسراره إلى من ستذهب لها في الدوام الثاني أو اليوم التالي، مؤكدةً أن الخادمة التي تأتي على كفالة أصحاب البيت غالباً لا تتعامل إلا معهم، وتعتبر نفسها في كثير من الأحيان جزءاً من هذه الأسرة، وبالتالي فلا يوجد أي خوف هنا بالنسبة لهذا الموضوع، الأمر الآخر الذي ترفض بسببه “أم خالد” جلب الخادمات يتعلق بعدم الثقة أيضاً، لكنه هذه المرة يختص بجانب (الأمانة)، وتقول: نحن في بيوتنا عادة ما نترك كل شيء مفتوحاً، مجوهراتنا وخزائن الملابس والحقائب والتحف وكل الأشياء الثمينة الموجودة في البيت، فعندما تكون الخادمة الخاصة بالبيت فلن تجرؤ – إلا في حالات قليلة جداً – على السرقة، فهي تعلم أنها لن تفلت إذا ما قامت بذلك، متسائلةً: ماذا عن تلك المُستأجرة بالساعة أو بالشهر؟، فإذا كانت غير أمينة، فبسهولة جداً تستطيع حمل ما خف وزنه وغلا ثمنه، وإخراجه خارج المنزل، فهل سنقوم يومياً بتفتيشها ذاتياً قبل مبارحتها البيت؟،
أم سنقوم بغلق وتخبئة كل شيء في المنزل وحفظه بعيداً عن العيون والأيدي، مشيرةً إلى أن هذا النظام مكلف جداً، حيث يكون ضعف راتب الخادمة الثابتة مرة على الأقل، وأحياناً يصل في الشهر إلى 3 آلاف ريال، لمدة ساعات معدودة، في حين أن الخادمة المقيمة في المنزل تكون في خدمة أهله على مدار الساعة.