خاص اكس خبر – لم تكن تعلم رشيدة ماذا ينتظرها عندما وطأت قدماها لبنان. هي امرأة بنغلادشية تركت عائلتها واطفالها طمعا بعيش كريم تؤمنه لهم في الغربة، فإذا بالغربة تصدمها.
وصلت الى العائلة التي طلبتها، وكلها اماني واحلام بأن ترى لذة العيش كما رواه لها ابناء بلدها الذين سبقوا تجربتها.
لكنها صُدمت حين عرفت ربة المنزل. بكلمات بنغلادشية تحتاج الى مترجم، تقول عنها بما معناه انها متعجرفة ظالمة، وليس في قلبها رحمة.
ربة المنزل والدة ثلاثة بنات صغار. عُرف عنها طبعها الحاد وتعاليها على الناس. هي لا ترحم اقرباؤها ولا حتى محيطها فكيف بخادمة حسبت انها امتلكتها.
تروي الخادمة معاناتها كيف كانت ترميها في المنزل طوال النهار وحدها من دون طعام الا من بقايا فضلات لا تُشبع طفل، وممنوع عليها ان تلمس اي طبق طعام، او براد المنزل، او ان تكلم احدا بل كانت تبقى طوال النهار بلا كلام ولا تسمح لها حتى بالاتصال باهلها.
اما المساء فكان يزيد معاناة النهار، فصارت تخشى رشيدة من لحظة وصول ربة المنزل، التي تُطالعها بالصراخ والشتائم وكيل الاهانات، لدرجة انها ترتعش من الخوف من كل شيء.
وكانت تسلط بناتها على الخادمة من دون رحمة اوشفقة بحجة انه من حقهن ذلك، وان يضايقونها، بل كانت تمنعها من النوم قبل ال12 ليلا، وتُجبرها على القيام بمهمات شاقة تتطلب وجود اكثر من خادمة او تخترع لها عملا تكون قد قامت به في النهار.
هذا غيض من فيض مما فعلته تلك السيدة بالخادمة، وما فعلته يفوق ما ذكرناه اضعافا.
كانت ربة المنزل تفعل كل ذلك رغم معارضة زوجها لها، بل اضطر الامر الى ضرب زوجته في احدى المرات امام الخادمة، ربما ليعيد لتلك الخادمة بعضا من الكرامة التي سلبتها اياها زوجته.
انفجرت رشيدة اخيرا، صارت تصرخ وتقول اعيدوني الى بلادي، لا اريد ان ابقى هنا، فرمتها عند والدها وجن جنون الزوج الذي ترك المنزل لمدة شهر او اكثر رافضا العودة الا بنسيان زوجته فكرة الاتيان بخادمة جديدة وهي التي كانت تحلم بأن تُجرب اخرى وتُذيقها ما اذاقته لرشيدة.
لكن بدلا من ان تعود رشيدة الى بلادها، اشتراها احد الاشخاص من الزوج، فإذا بها اليوم تعيش مرتاحة وتهزأ من فكرة العودة الى بلادها وتقول ان الحياة هنا صارت اجمل بعد مغادرة منزل السيدة المتعجرفة، وعادت اليها الاحلام بالعمل لسنوات لتأمين مصاريف اهلها.
حالة رشيدة ليست فريدة بل هي حال معظم الخادمات في لبنان، اللواتي لا يجدن قانونا يحميهن من الظلم والاستغلال، ولا تسمح لهن ظروفهن بترك العمل ومغادرة لبنان، فإذا بالكثير منهن انتحر او حاول الانتحار، ومن يبقين منهن يجدن انفسهن يعملون تحت وطأة الذل طلبا للقمة عيش مغمسة بالاهانات.