إكس خبر- علمت أوساط اعلامية من مصادر سياسية واكبت أجواء اللقاء بين الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله ورئيس الحزب “التقدمي الإشتراكي” النائب وليد جنبلاط، أنه “جرى التأكيد على تفعيل دور الحكومة وتنشيطه لتكون قادرة على تلبية احتياجات اللبنانيين في ظل الأخطار المحيطة بالمنطقة وحماية الخطة الأمنية التي تنفذ حالياً في طرابلس والبقاع الشمالي“.
وكشفت المصادر ذاتها أنهما “توقفا أمام اقتراب موعد الدعوة لإجراء انتخابات نيابية قبل انتهاء ولاية البرلمان الممدد له في تشرين الثاني المقبل. وتوافقا على أن لا مشكلة في التحضيرات التقنية واللوجستية لإنجاز هذا الاستحقاق في موعده، سواء بدعوة الهيئة الناخبة أو بإعادة تشكيل لجنة الإشراف على الانتخابات وفتح اعتمادات لتغطية النفقات المترتبة على إتمامها، وأن المشكلة تبقى في الظروف الأمنية التي يمر فيها البلد والارتدادات السلبية لكل ما يدور في المنطقة على الوضع الداخلي، إضافة الى وجود عائق دستوري يكمن في صعوبة إجرائها ما لم يسبقها انتخاب رئيس جديد“.
وأكدت المصادر أن “هناك ما يشبه الإجماع على ضرورة إعطاء الأولوية لانتخاب رئيس للجمهورية على ما عداه، لا سيما ان البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي لم ينفك عن دعوة النواب للحضور الى البرلمان لتأمين انتخابه إضافة الى مواقف معظم الكتل النيابية باستثناء رئيس تكتل “التغيير والإصلاح” النائب العماد ميشال عون“.
وفي هذا السياق توقفت المصادر أمام الفقرة التي وردت في البيان المشترك الصادر عن “حزب الله” والحزب “التقدمي الاشتراكي” وفيها تشديدهما على “ضرورة الإسراع في انتخاب رئيس جديد للجمهورية” لإنهاء حالة الشغور القائمة، واعتبرت انها تنم عن تقدم ولو طفيفاً في موقف “حزب الله” من هذا الملف باعتبار انه للمرة الأولى يتناول الانتخابات الرئاسية بموقف لا يتجاوز فيه حليفه العماد عون، بمقدار ما انه أراد توجيه رسالة اليه يريد منها جس نبضه واستدراج ردود فعله“.
وأوضحت أن “نصرالله وجنبلاط عرّجا في اجتماعهما على الاستحقاق الرئاسي وأن الأخير لن يبدل موقفه من ترشح العماد عون، لكنهما اتفقا على مواكبة هذه المسألة بلا “كباش” وبهدوء بعيداً من الإعلام لئلا يعتقد البعض أنهما يستعدان للدخول في منازلة سياسية أين منها المنازلات الأخرى“.
وأكدت أن “عدم ممانعة نصرالله وجنبلاط التمديد للبرلمان حفاظاً على التماسك الداخلي وتعزيز الإجراءات المتخذة من اجل تمتين حالة الاستقرار، مع انهما لم يتطرقا في بيانهما المشترك اليه، قد يدفع بعون الى مراجعة حساباته، لا سيما انه لا يمتلك كل الأوراق السياسية التي تدفعه الى قلب الطاولة من خلال الطلب من وزرائه الاستقالة من الحكومة في ظل تمسك حليفه “حزب الله” ببقائها“.
وبكلام آخر يمكن القول إن عون يفتقد أوراق التصعيد السياسي كردٍ مباشر منه على التمديد للبرلمان للمرة الثانية، وتعزو المصادر السبب الى ان “معظم حلفائه هم الآن في واد آخر”، لافتة الى أن “السيناريو الواجب اتباعه هذه المرة للتمديد للبرلمان يختلف عن سابقه لدى التمديد الأول ولن يخضع للمزايدات الشعبوية التي حاولت ان تظهر وكأن رئيس المجلس النيابي نبيه بري وحليفه جنبلاط هما وراء الضغط للموافقة عليه“.
وأكدت المصادر أيضاً أن “غالبية الكتل النيابية ستتحمل مسؤوليتها في الدفاع عن التمديد للبرلمان كأمر واقع لا بديل له خصوصاً مع تعذر انتخاب رئيس جديد”، مشيرة الى أن “المجتمع الدولي يقف ضد تفكيك لبنان وأن عدم قدرته على الضغط لانتخاب الرئيس لا يمنعه من الموافقة بهدوء على التمديد كشرط للحفاظ على الاستقرار“.
وتابعت “إن عدم وجود مخطط دولي لتفكيك لبنان يستدعي من الأفرقاء المحليين عدم إقحام البلد في مغامرة يراد منها إجراء الانتخابات النيابية قبل الرئاسية، لأن تقديم الأولى على الثانية أشبه بوضع العربة أمام الحصان“.
ورأت هذه المصادر أن “التمديد للبرلمان سيحظى بتأييد أفرقاء من 14 آذار و8 آذار، وإن بعض حلفاء عون في تكتل التغيير لا يجارونه ولو همساً في إعطائه الأولوية للانتخابات النيابية، إضافة الى انهم لا يجرؤون على الطلب اليه إخلاء الساحة لمصلحة التوافق على مرشح تسوية“.
وجزمت المصادر بأن “حزب الله” “لن يحيد عن موقفه الداعم لترشح العماد عون وبالتالي لن يطلب منه الخروج من المبارزة الرئاسية الا اذا قرر بملء ارادته العزوف عن خوض المعركة“.
وعزت السبب الى ان “لعون ديناً سياسياً في ذمة “حزب الله” تمثل أخيراًَ في توفير الغطاء له لمشاركته في القتال في سوريا الى جانب الرئيس بشار الأسد. وإن الحزب لن يفرط في تحالفه معه، لأنه ليس في حاجة الى مشكلة طالما انه يتعذر عليه تأمين الحليف المسيحي البديل“.
لذلك فإن موضوع رئاسة الجمهورية “متروك حتى إشعار آخر للعبة “القضاء والقدر” على أمل ان تتبدل الظروف التي تدفع بالجهات الدولية والإقليمية” – وفق المصادر – الى وضع خطة – ب – لتأمين انتخاب الرئيس كما ضغطت في السابق في اتجاه الإسراع في ولادة حكومة “المصلحة الوطنية” برئاسة تمام سلام“.
وأكدت المصادر أن “سلام أمضى 11 شهراً قبل أن يتمكن من تشكيل حكومته، وتقول إن ولادتها لم تكن بسبب التسهيلات التي قدمها بعض الجهات المحلية فحسب، وإنما لارتفاع منسوب الضغط الدولي والإقليمي الذي رأى أركانه أن بقاء لبنان من دون حكومة يمكن ان يهدد الاستقرار فيه“.
وتسأل: “متى يدرك المجتمع الدولي أن بقاء لبنان من دون رئيس يمكن ان يهدد الاستقرار وبالتالي يبادر الى الضغط في كل الاتجاهات؟ وهل إن عدم معارضته التمديد للبرلمان يشكل من وجهة نظره شبكة الأمان الأمنية والسياسية لتأمين استمرار المؤسسة التشريعية الى حين تتقاطع المواقف الخارجية حول ضرورة انتخابه؟“.
وعليه، فإن “حزب الله” و”إن كان لا يسمح لنفسه كما – تقول المصادر – بالضغط على عون لإقناعه بالانسحاب من معركة الرئاسة، فإن حلفاء الجنرال لا يجرؤون على مصارحته بالخروج من المنافسة ليكون أحد الأقوياء في انتخاب الرئيس العتيد“.
وأكدت المصادر أن “أحداً من حلفاء عون لا يجرؤ على مصارحته بوجوب الانسحاب من معركة الرئاسة لئلا يعتقد بأن هناك من يجري مفاوضات من تحت الطاولة لمصلحة دعم مرشح آخر أو أنه يمهد الطريق لترشيح نفسه، مع انه يدرك أن الظروف التي تستبعد وصول عون الى سدة الرئاسة الأولى تنطبق أيضاً عليه شخصياً“.
ونقلت عن بعض حلفاء عون قولهم إنه “خاض حواراً غير مشرف مع زعيم تيار “المستقبل” رئيس الحكومة السابق سعد الحريري وأن الأخير ربح من التواصل معه، بينما هو لم يحصل على موقف يمكنه صرفه في تسويق نفسه كمرشح وفاقي لرئاسة الجمهورية، سوى حصوله على موقف يتلخص بأنه لا يضع فيتو على ترشحه ولا على غيره من المرشحين“.
وإعتبرت المصادر أن “الحريري من خلال طرحه في خطابه الأخير خريطة الطريق للتعاطي مع المرحلة المقبلة فتح الباب أمام البحث عن مرشح تسوية على ان تعطى الأولوية لانتخاب الرئيس”، لافتة الى أن رئيس المجلس النيابي نبيه بري وجنبلاط ومعهما الحلفاء في 14 آذار والبطريرك الماروني الكاردينال مار بشارة بطرس الراعي أيدوا ضرورة إنجاز الاستحقاق الرئاسي قبل الانتخابي في مقابل صمت الآخرين في قوى 8 آذار واكتفاء عون بالرد عليه في موضوع اقتراحه انتخاب الرئيس على مرحلتين“.
ورأت أن “العماد عون رسم لنفسه خريطة طريق لا تلتقي مع التي طرحها الحريري، وتقول إن الأول أصر على موقفه بانتخاب الرئيس على مرحلتين، إضافة الى مطالبته باعتماد القانون الأرثوذكسي في الانتخابات النيابية وبتحديد مهلة لرئيس الحكومة المكلف تشكيل الحكومة، علماً انه بخريطته هذه يفتح الباب أمام إقحام البلد في تعديلات دستورية تفتقر الى الظروف السياسية المواتية لطرحها أو التداول فيها“.