إكس خبر – بالرغم من عطش المنطقة بقواها ودولها النافذة فيها إلى تسوية غير أن أياً من هؤلاء الفاعلين يبدو أنه جاهز للتنازل والذهاب إلى تسوية على حسابه، فيزداد التوتر من إيران وصولاً إلى شمال أفريقيا مروراً بغزّة، في ظل الكباش الكبير الذي يأخذ أشكالاً عدّة من العسكري إلى الديبلوماسي فالإقتصادي تمهيداً للتسوية الكبرى التي يعمل بعض الأطراف، مثل أنقرة وموسكو لبعدهما عن الصراع المباشر، كي تكون مقدمة حقيقية لتغيير النظام الإقليمي والعالمي.
التوترات الباردة العسكرية منها والإقتصادية لا تبدو كافية بالضرورة للوصول إلى تسوية نهائياً، خصوصاً في ظل إستيعاب إيران للصدمة الأولى بعد العقوبات الأميركية القصوى عليها والعمل على معالجة الثغرات الإقتصادية فيها، والذي سيظهر في الموازنة المقبلة مما سيطيل قدرها على الصمود، حتى أن الصراع العسكري المتوقع على أرض العراق لن يوصل إلى تسوية في المدى القريب، بل يراهن طرفاه على نجاحه في المدى البعيد، كل ذلك يترافق مع توقعات جدية لإنتصار المحافظين في الإنتخابات البرلمانية الإيرانية مما يُبعد إحتمالات التفاوض ويعطي أولوية لشدّ الحبال العسكري.
تحييد سوريا عن المعارك
في سوريا تبدو كل الأطراف متفقة على الحلّ، وعلى تحييد هذه الساحة عن أي من المعارك أو الإنفجارات المتوقعة، حيث تعمل دمشق بالتعاون مع موسكو وأنقرة بموافقة إيرانية على إنهاء الملف الإدلبي، وإن كان على حساب إشتعال الملف الليبي، الذي تنظر إليه موسكو وأنقرة على أنه مدخل للضغط على حلف الناتو ونقل الصراع من مناطق العمق الإستراتيجي التركي – الإيراني – الروسي إلى مناطق النفوذ الغربي، وهذا كفيل برسم سياسات عالمية جديدة.
بدوره لا يبدو الملف اليمني قابلا للإستثمار أكثر من مما هو مستثمر، فقد تم إستنزاف هذه الساحة حتى باتت تشكل مشكلة وعبئا على غالبية الأطراف المعنية ولا يمكن الذهاب فيها أبعد مما هي عليه.
إذاً تبقى هناك الساحة اللبنانية، إذ إن جميع الأطراف لا يؤيدون الذهاب بالصراع في الساحة العراقية للإنفجار الكامل لأنه غير مضمون النتائج على أي من القوى الأساسية المتصارعة.
قبل أشهر لم تكن الحرب بين “حزب الله” وإسرائيل واردة، حتى أن إحتمالات الإشتباك المباشر بين تل أبيب وطهران كانت أكثر ترجيحاً، لكن التبدلات السريعة في الإقليم أعادت خلط الأوراق وفتحتها على كل الإحتمالات.
تدرك واشنطن بشكل حاسم أن بعض فصائل الحشد الشعبي بدأت عمليات تحضير نوعية لمرحلة جديدة من خلال إخلاء المراكز والمخازن وإنتقال القيادات الأساسية إلى إيران، مما يوحي بأن معركة الإستنزاف التي أعلنت طهران عنها ستبدأ بين يوم وآخر، وهذا له تبعات إستراتيجية على الأميركيين وإدارتهم.
أمام هذا الواقع الذي يهدد مكتسبات كل القوى في المنطقة لا بدّ من تسوية يستجلبها إنفجار عسكري كبير، الذي لم يعد له ساحات قابلة على إستيعابه إلا الساحة اللبنانية.
اسرائيل ترغب بحرب قاسية على حزب الله
ترغب إسرائيل منذ مدة ببدء حرب جدية قاسية على “حزب الله”، وترى أن هذه الحرب بالرغم من عدم إتضاح نتائجها، لا بد منها لكبح الحزب الذي يتطور بإستمرار على مختلف المسارات، ولعل الوضع الإقتصادي والإجتماعي في لبنان وتهيئة الأرضية الحاصل حالياً من خلال الحراك الشعبي والإنهيار الإقتصادي قد يوفر ظروفا لن تتكرر لصالح تل أبيب في أي حرب مقبلة، من خلال عدم قدرة المجتمع على الصمود وعدم وجود بيئة إجتماعية جامعة متعاطفة مع الحزب بعد تحميله جزءا من وزر الإنهيار.
لا شكّ بأن واشنطن وتل أبيب سيقابلان الضغط الإيراني عليهما في العراق وأفغانستان بضغط مضاد في لبنان لربط الساحات وتقليل الخسائر السياسية، من هنا سيكون لبنان في العام 2020، بين إحتمالين، الأول محاولة إسرائيل تغيير قواعد الإشتباك فيه من خلال إستهداف لبعض المواقع العسكرية التابعة للحزب والمراهنة على عدم ردّ منه مما يكرس قاعدة إشتباك جديدة تشبه قواعد الإشتباك بين الحزب وإسرائيل في سوريا. أما الثاني فهو تدحرج أي ضربة عسكرية إلى حرب مفتوحة بين الطرفين وهذا أمر مرجح إلى حدّ بعيد.
من غير المستبعد أن توصل أي حرب كبيرة بين “حزب الله” وإسرائيل إلى تسوية كبرى في المنطقة، نظراً لقدرة الطرفين على قلب المعادلات وتهديد المكتسبات الإقليمية لهذا الطرف أو ذاك، لكن الأمر يحتاج إلى قرار جدّي إذ إن هكذا حرب قد لا تبقى مضبوطة وتوصل إلى معركة إقليمية طاحنة لا يريدها أي من المتحاربين لأسباب كثيرة.