فجأة، قررت شركة غوغل، محرك البحث الشهير على شبكة الإنترنت، زيادة رواتب جميع العاملين فيها، وعددهم ثلاثة وعشرون ألفاً بنسبة عشرة في المائة، مع منحة قدرها ألف دولار لكل منهم.
لكن هذا القرار لم يكن مفاجئاً للمطلعين على الحرب الخفية بين غوغل وفيسبوك الموقع الاجتماعي الأكثر شهرة على مستوى العالم، والذي يبلغ عدد مستخدميه أكثر من خمسمائة مليون شخص في الوقت الحاضر. فكل منهما يستخدم كل الأسلحة المتاحة للحصول على أفضل المهارات والمواهب في علوم الكمبيوتر، ولو أن الغلبة كما يبدو حتى الآن للموقع الاجتماعي الذي لا يزيد عدد العاملين فيه على ألفين فقط، أكثر من نصفهم كانوا يعملون لدى غوغل.
فمع النقص الكبير في أعداد المتخصصين في علوم الكمبيوتر ومصممي البرامج، تجد شركات التكنولوجيا نفسها في حرب تنافسية لاجتذاب أصحاب المهارات من القادرين على كتابة البرامج المطلوبة للمنتجات الجديدة، بالإضافة إلى الخدمات التي تقدمها هذه الشركات، فالشركات بكل بساطة تسرق الموظفين من بعضها كما يقول متابعو هذه الحرب الخفية.
فمنذ سنوات وعملاق البحث الشهير يعتمد الإغراءات المادية كسياسة جريئة، لجذب أكبر عدد ممكن من أصحاب المواهب والمهارات في علوم الكمبيوتر، لكنه بات يواجه منافسة ضارية من جانب فيسبوك وغيره.
وقبل أسابيع قليلة فقط، تسربت أنباء عن نجاح فيسبوك في جذب العقل المفكر في غوغل، الأسترالي لارس راسموسين، وهو أحد الذين أوجدوا خدمة الخرائط في غوغل. ترك مكتبه في سدني وانتقل إلى المقر الرئيسي لفيسبوك في بالو ألتو بولاية كاليفورنيا، بل إن هناك من يؤكد أن مؤسس فيسبوك ورئيس مجلس إدارتها، مارك زوكربيرغ، تولى شخصياً مهمة إقناع وإغراء راسموسين الدانمركي الأصل واقنعه بترك غوغل.
مدير التوظيف في فيسبوك، توماس أرنولد، يقول، إن سياسة التوظيف لا تستهدف العاملين في غوغل أو غيرها، بل تبحث عن أصحاب الكفاءات أينما كانوا، فالمهم بالنسبة لنا هو أن نحصل على الأفضل فإذا وجدناهم في غوغل فالأمر رائع، وإذا وجدناهم في أي شركة أخرى فهذا رائع أيضاً، حتى ولو كان أصحاب هذه الكفاءات في مقتبل العمر يمارسون أعمال الكمبيوتر في أقبية منازلهم فسوف نسعى إلى جذبهم بكل الطرق الممكنة.
وفي إطار هذه الحرب عرضت شركة فيسبوك على أحد مهندسي غوغل زيادة بنسبة %15 على راتبه البالغ 150 ألف دولار في السنة، مع «هدية»، قدرها نصف مليون دولار نقداً، وقبل أيام تم التوقيع على عقد العمل الجديد.
وعلى الرغم من أن نسبة البطالة في ولاية كاليفورنيا تبلغ الآن %12.4، فقد سجلت أعداد العاملين في شركات الكمبيوتر المتمركزة في ما يعرف بوادي السليكون بالولاية زيادة بنسبة %62 في العام الماضي، كما أن هذه الشركات ما زالت تحقق أرباحاً هائلة لأحد عشر شهراً على التوالي.
وتشير الأرقام شبه الرسمية إلى أن شركات الكمبيوتر العملاقة تبحث عن أربعة آلاف وستمائة مهندس، في حين أن الرقم في العام الماضي لم يكن يتجاوز ألفين وثمانمائة.
ومن المهم الإشارة إلى أن الحرب لا تقتصر على غوغل وفيسبوك فقط فهناك أيضاً «آبل» و«زينغا» و«يوتيوب» وغيرها، مثل «أسانا»
و«باث» و«كورا».