كتبت ميشيل التويني لجريدة النهار مقالا حول الإعلاميان جو معلوف مقدّم برنامج “حكي جالس” وطوني خليفة مقدّم برنامج “1544” بعد يوم واحد على تبرئة ساحة معلوف من القضاء وتأييد بلاغاته بحق خليفة.
وتقول تويني: ما يفعله جو معلوف، أو طوني خليفة، أو غيرهما من الاعلاميين بلا تسمية، يوصف عادة بالصحافة الاستقصائية، التي تتقصّى مشاكل الناس للتوصل مع الجهات المختصة الى استنباط حلول، انطلاقاً من قدرة الاعلام الضاغطة والمساهمة في ايصال الصوت وهذا دور ايجابي وبنّاء.
لكن المشكلة تبرز عندما يتحول الاعلامي قاضياً يحاكم الناس ويصدر احكامه في دقائق معدودة، فينشأ التحدي بين الشخص ووسيلة الاعلام، وتتحول المواجهة شخصية! فعندما يعرض الاعلام قضية يتابعها القضاء، هل يحق للاعلام ان يصبح طرفاً حتى لو ان المتهم مذنب فهل يجوز ان يعطي دروساً في الاخلاق للمتهم ويحاكمه علناً ويشهر به عبر البث المباشر.
ثمة قضايا خاصة وشخصية ( شجار بين شخصين، مشاكل عائلية، شخص لم يسدد دينه) يلوكها بعض الاعلام وتحتل الشاشات، فيما لا فائدة منها ولا مبرّر لطرحها على الملأ. أما القضايا الانسانية أو الصحية أو ملفات الفساد، فيجب ان تتم متابعتها في هذه البرامج واستعمال الاعلام لمساعدة الناس لانقاذ حياتهم.
لكن البعض لا يتوقف عند هذا الدور فيتحول دركياً وقاضياً أو رئيساً للبلدية أو نائباً أو مرشداً، فينبش ملفات لا تخص إلا أصحابها، ولا طائل منها للجمهور الواسع.
ربما يقومون أحياناً بأمور على السلطات المختصة توليها، فالزميلة ربيكا أبو ناضر، مثلاً، تتابع مخالفات ومشكلات في صلب الحياة اليومية، وتلاحق المسؤولين المعنيين الذين يتقاضون رواتبهم من الناس لدفعهم الى الاهتمام بحل مشكلات أصحاب الاصوات الناخبة، ألا يجدر بالمختصين القيام بذلك عوضاً من الاعلام؟ أليست واجباتهم ومن دون ضغط من أحد؟
الاعلام يجب ان يضيء على الامور لا ان يتحول الى مكتب شكاوى يلجأ اليه الناس لانهم لا يجدون مكاناً آخر يستمع اليهم ويتابع قضاياهم.
وفي هذا السياق، أليس أمراً لافتاً أن يتبادل بعض الناس التهديد بجو معلوف وطوني خليفة وغيرهما، بدل التهديد بالقضاء وأجهزة الدولة الرسمية، مما يجعل الاعلام بأغلبية الاوقات مكتب شكاوى؟
نحن لا نحمل الاعلاميين المسؤولية رغم انهم يبالغون أحياناً بتبني دور المسؤول، بل نحاول الاضاءة على هذه الظاهرة الاعلامية التي تتزايد يوماً بعد يوم ونطرح السؤال: هل المسؤولية تقع على الاعلاميين الذين يبالغون أو على مسؤولين غائبين لم يتركوا للمواطن ملجأ سوى شاشات التلفزيون؟