إكس خبر- في حال قرر احدهم إحصاء المواقف التحريضية للنائب خالد الضاهر او تعداد المؤتمرات الصحافية التي اطلق فيها نائب عكار كلاماً مسيئاً ضد الجيش وقيادته لتبين ان عددها تجاوز عشرات المرات، وفي كل مرة تقول مصادر سياسية متابعة لا احد يحاسب الضاهر او يسائله من السياسيين، في حين ان كلامه غالباً ما يهز الرأي العام ويولع مواقع التواصل الاجتماعي ، فالنائب الضاهر عندما يطلق موقفاً ما يصبح نجم الشاشات بدون منازع والاكثر اثارة وانتقاداً على المواقع الاعلامية. ولكن جديد الضاهر (النائب الذي لا حدود له) ليس في كلامه الأخير الذي هاجم فيه كالعادة مخابرات الجيش، وهو كان سابقاً تطاول على قيادة الجيش وضباطاً في المؤسسة العسكرية، انما في موقف «تيار المستقبل» الذي استنفر بسرعة للتبرؤ من تصريحات الضاهر ومواقفه، فسعد الحريري «بق البحصة» أخيراً واعلن براءته من تجاوزات الضاهر، وكذلك فعل احمد الحريري الذي اعلن النأي بالنفس عن الضاهر ، وعدم صلة او ارتباط المستقبل بكلام نائبه.
ولكن إذا كان «المستقبل» اختار ان يحيد نفسه على حد قول المصادر عن كل ما يقوله النائب العكاري بعد ان قرر الحريري الذي حضر الى لبنان بسرعة وغادر بسرعة ايضاً ان يكون «عراب» تسليح الجيش والداعم الاكبر له في معركة القضاء على الارهابيين، وبعد ان اعطى الحريري توجيهاته بعدم تحويل البيئة السنية الى حاضنة للارهاب التكفيري، فتسأل المصادر من يمكن بعد اليوم ان يضبط الضاهر ويلجم لسانه التحريضي والذي يعكر السلم الأهلي ويتعرض للمؤسسة العسكرية التي يقدم ضباطها وافرداها اصعب التضحيات واغلى الاثمان من اجل الوطن في الحرب على الارهاب المتسلل الى الداخل اللبناني ، ولماذا لا ترفع الحصانة النيابية عن الضاهر بعدما قام المستقبل بفك الارتباط به وكأنه لا ينقص ان يقول المستقبل إلا القول «اليكم خالد الضاهر … مواقفه لا تعبر عن رأي المستقبل.. حاكموه» .
والسؤال الأبرز من يحمي الضاهر الذي يتطاول على رؤساء الاجهزة الامنية وعلى مسؤولين وقيادات في الدولة ويكاد يتسبب بفتنة لانه بدون حسيب او رقيب؟ والجواب كما تقول المصادر يمكن ان يكون «لا احد فالضاهر اسس لحالة سنية متطرفة متلطياً بقضية مظلومية الموقوفين الاسلاميين في سجن رومية لتأمين التعاطف والتجييش الشعبي له وجواب ، وهذه الحالة وحدها هي التي تحمي الضاهر وتحول دون الاقتراب منه او توقيفه او حتى رفع الحصانة النيابية عنه، فالمثل الشعبي يقول «يا فرعون من فرعنك» ليرد «انا فرعنت حالي»، وهكذا فعل الضاهر الذي نصب نفسه حاكماً بكلمته وافكاره التحريضية والسامة ضد المؤسسة العسكرية بما يتماهى مع المشروع الارهابي والداعشي المتسلل الى الداخل اللبناني.
وترى المصادر من جهة ثانية ان على تيار المستقبل ليس الاكتفاء فقط بتحييد نفسه عن ما يقوله ويفعله الضاهر وان كان المستقبل حسناً فعل بموقفه، بل بثنيه ولجمه كما سبق وفعل الحريري مع الثلاثي الطرابلسي كباره والمرعبي والضاهر في اعقاب احداث عرسال بعد التحول الذي طرأ على خطاب هؤلاء بتوجيه من الحريري شخصياً، إلا اذا كان الحريري فقد القدرة على ضبط الأخير او اذا ما كانت مقاربة كل من الطرفين للأحداث ولما تشهده الساحة السنية باتت مختلفة الى هذا الحد، او لأن الضاهر خرج عن سيطرة «المستقبل» فاقتضى التوضيح وازالة الالتباس.
على ان الغوص في تفاصيل ما يفعله المستقبل يظهر وبحسب المصادر ان داخل التيار حتى الساعة ثمة وجهتا نظر مختلفتان او تياران، الأول ينادي بالاعتدال ويقوده سعد الحريري وفريقه الشخصي وهذا الفريق يعتبر الأمن خطاً أحمر لا يمكن المساس به مهما كثرت الاختلافات ويدعو الى نبذ الاقتتال والتطرف والى الوقوف الى جانب الجيش والمؤسسات الامنية، وتيار ينتمي اليه الضاهر يخلط بين السياسة والأمن وهذا الفريق يحمل حزب الله مسؤولية كل ما يجري على الساحة واستيلاد الارهاب على خلفية مشاركته في الحرب السورية، وهو يتماهى مع احداث سوريا والعراق ويتوجه الى القاعدة السنية الشعبية، وهذا التيار يغرد بعيداً عما يعمل على تثبيته سعد الحريري من خلال تأمين البيئة السنية الحاضنة ، فالوضع الداخلي خطر جداً وحسابات المستقبل والتيار الأزرق لا يريد ان يلوث اصابعه في وحول اللعبة الداخلية التزاماً بما قرره سعد الحريري عند دخوله الحكومة، وحتى لا يحرق اصابعه بنار الأحداث الأمنية الخطرة التي تبشر بها «داعش» ومجموعاتها، خصوصاً ان الساحة السنية التي شهدت توترات في المناطق السنية وبعد إعدام داعش للجنديين من الطائفتين السنية والشيعية اظهرت انها لا تلتزم بأي طائفة او اي فريق وان ارهابها لا يميز احد.
ويبقى السؤال هل ان موقف سعد واحمد الحريري هو بداية او مقدمة لرفع الغطاء عن نائب عكار والافساح ربما في وقت لاحق لرفع الحصانة النيابية عنه خصوصاً ان التعرض للمؤسسة العسكرية ولرموز امنية لا يصلح في هذه المرحلة الحساسة حيث تخوض هذه القوى اشرس المعارك مع الارهاب.