إكس خبر- لاريب أن العملية الانتحارية المزدوجة التي استهدفت منطقة “جبل محسن” تُعدّ التطور الأخطر في الأعمال الإرهابية وجولات الاقتتال التي شهدتها مدينة طرابلس، ورغم خطورة هذه العملية الإرهابية، التي ربما لن تكون الأخيرة، مادام الإرهاب قادراً على تجنيد الشباب الطرابلسي، لاسيما أبناء المناطق المحرومة مثل “باب التبانة” و”المنكوبين” وسواهما، تحت شعارات براقة، كـ”نصرة أهل السُّنة”،كذلك يستغل سماسرة التكفير فقر هؤلاء الشباب وعوزهم، إلا أن هذه العملية تؤكد عجز المجموعات التكفيرية المسلحة عن التحرك الميداني، بعد الضربة القاصمة التي وجّهها الجيش اللبناني لها في نهاية الصيف الفائت.
ومما لاشك فيه أيضاً، أن الإعداد النفسي والأيديولوجي للعمليات الانتحارية ليس وليد أشهر، فالانتحاريان ذهبا إلى “جرود عرسال” منذ بضعة أشهر، ثم انتقلا إلى “القلمون”، حيث تم إعدادهما للتفجير، كما ورد في بعض وسائل الإعلام. إن وصول الحقد لدى بعض الشباب إلى حد تفجير أنفسهم لقتل الأبرياء، هو نتيجة التحريض المذهبي الذي مارسه ويمارسه بعض الساسة الرسميين ورجال الدين ووسائل الإعلام منذ اغتيال الرئيس رفيق الحريري، ثم بلغ هذا التحريض أوجه بعد بدء العدوان التكفيري – الغربي على سورية.
من جهته، “الإعلام المستقبلي” مازال يمارس التحريض المذهبي من خلال تغطيته للأحداث في الجارة الأقرب، وبالتأكيد ستكون لذلك ارتدادات سلبية على الوضعين الأمني والاجتماعي في لبنان، منها تجنيد الانتحاريين، وبث الفتن المذهبية، لأن لبلد ليس معزولاً عن محيطه، والسؤال هنا: كيف يتحاور “تيار المستقبل” مع حزب الله، ويدّعي أنه يسعى إلى تخفيف الاحتقان في الشارع، وفي الوقت عينه يُسهم “الإعلام الأزرق” في تأجيج الصراع المذهبي في المنطفة؟! فإذا كان “المستقبل” جاداً في الحوار، فأبسط الأمور أن يساعد في ضبط الأمن الاجتماعي في لبنان، وبالتالي وقف كل أنواع التحريض، لمنع تكرار العمليات الانتحارية.
بالعودة إلى “مجزرة جبل محسن”، ووفقاً لما كشفته غالبية المعلومات المتداولة، فإن الانتحاريَيْن تمّ تجهيزهما في “القلمون” السورية، وكانا مرتبطيْن بغرفة عمليات في المبنى “ب” في سجن رومية، وبناء على ذلك فكّكت القوى الأمنية ما كان يُعرف بـ”إمارة رومية التكفيرية”، الأمر الذي ترك ارتياحاً كبيراً لدى المواطنين، لكن يبقى السؤال الأهم: متى سيأتي دور “إمارة جرود عرسال”؛ المصدر الرئيسي لتقويض الاستقرار اللبناني، أو على الأقل قطع طرق الامداد بالكامل عن المسلحين؟
من البديهي أنه في حال لم يتوفر للجيش اللبناني الغطاء السياسي اللازم لتفيذ عملية عسكرية لإنهاء “الامارة التكفيرية” في “الجرود”، بالتنسيق مع الجيش السوري، سيشهد لبنان مزيداً من العمليات الانتحارية وقطع الطرق، مادام الإرهاب يتكئ على احترافية عالية في قراءة تناقضات الوضع اللبناني.
الكاتب: حسان الحسن