القعقاع كرر أخطاء خالد بن الوليد وتفوق الإنتاج المصري
الدراما الخليجية تكرار ممل وسيناريو باهت وضحالة فكر
أنتجت الشركات الفنية لرمضان هذا العام أكثر من 100 مسلسل تعرض على كافة المحطات الفضائية بمختلف المستويات – المحطات والمسلسلات – فكما يقال: إن لكل حجرة أجره وهو الأمر الذي يسوق له مخرجو المسلسلات وسماسرة المحطات الفضائية حتى أصبحت المحطات الرائدة صاحبة الخبرة والإمكانات الفنية المتطورة هدفا للمسلسلات المملة والرخصية بمعنى الكلمة فعلى سبيل المثال احتضنت MBC ثلاث مسلسلات مكررة تحمل نفس الاسم لثلاثة أعوام (بيني وبينك وشر النفوس وباب الحارة) بحجة أنها أجزاء مكملة لما سبق وهي مختلفة تماما عن كل جزء سبق باختلاف الشخصيات التي تجسد نفس الدور في الأعوام الماضية.
مزحة برزحة وسكتم بكتم .. الأبرز
استطاع النجمان فايز المالكي ومحمد العيسى من خلال سكتم بكتم ومزحة برزحة التوغل إلى الوسط السعودي والشريحة العظمى له من خلال بساطة العمل وقربه للمتلقي وعدم التكلف من خلال صراحة الهوية الفنية للنجمين العيسى والمالكي لكونهما الوحيدين يجسدان الحدث بسجيتهما الحقيقية بلا تصنع أو تكلف يجعل المتلقي في حيرة من خلال تفسير مفردات موغلة في القرى السعودية إذ تمكن العيسى من خلال تجسيده للزوج السعودي وريم عبد الله زوجته أيضا من كشف الحياة العامة للمنطقة الوسطى تحديدا من خلال كركترات هادفة بحل المشاكل الأسرية التي هي في الأساس بسيطة كذلك النجم فايز المالكي الذي استطاع اقتحام ديربي الهلال والنصر بأبرز الحلقات له التي تتحدث عن واقع الحكم السعودي.
بيني وبينك ثلاث في واحد
كان غياب الممثل فايز المالكي هو الأبرز لمسلسل بيني وبينك ويبدو أن فايز المالكي لا يجد بداً من خلق المشاكل لنفسه فبعدما انتهت مشكلته مع التلفزيون السعودي هاهي المشاكل تبرز ليستقل في مسلسل سكتم بكتم على القناة السعودية بعدما ذاب الجليد معها واشتعلت النيران بينه وبين زميله السابق حسن عسيري مما حدا بفريق بيني وبينك لاستقطاب الممثل حبيب الحبيب ليشغل خانة فايز المالكي والنجم حبيب كان جديرا ومؤهلا للغاية كوميديا إلا أن نزعة طاش لديه لا تزال عالقة معه من خلال اقتباسه لها.. بيني وبينك (سيت كوم) هو الأحدث وهي تجربة غامر بها فريق (بيني وبينك) ومميزة جعلتهم مجبرين على خلق ضبابية ال(ستكوم) وتشتيت المتابع بالفقرة الكارتونية التي لا تزال بلا هوية ومجرد ملء فراغات.
شر النفوس.. مرض لثلاثة أعوام
جسد الممثل نايف الراشد شخصية المريض لثلاثة أعوام ففي الجزء الأول أصيب بالسحر حتى وصل لمرحلة (الخبال) من جراء السحر الذي يوضع له حيث شاركه في الجزء الأول شقيق زوجته الثانية بشخصية شاب خطير يجنح للجريمة في سبيل المادة حتى آخر الحلقات للعام الأول – 2008- عندما يتماثل للشفاء من خلال الرقية التي تفيد انه مصاب بمس من الجن وينتهي المسلسل بهروبه من بين يدي (المطوع) وذويه راكضا بعد أن عاد إليه رشده، حيث كان الأبرز في العرض الأول هي لزمة (مستانسين).
وفي العام الذي يليه – 2009- لشر النفوس يجسد الممثل نايف الراشد (الأستاذ خليل) مع تغيير لزمة مستانسين إلى تكراره للزمة جديدة (قسم بالله أحبكم) ويأتي بدور (الأبله) لا المسحور وهو الأمر الذي يضع العديد من علامات التعجب ففي العام الذي قبله كان الشخص مصابا بمس من الجن وشفي ليأتي في العام الآخر بدور الابله و ابناً للمرأة التي كانت له السبب في السحر مع تدوير للشخصيات وتغييرات تشتت الانسجام مع عرض العام الماضي.
وفي رمضان لهذا العام – 2010 – يتكرر اسم المسلسل بتغيير جذري وتام لطاقم العمل والسيناريو فعرض العامين الماضيين فيه تقارب نسبي إذا ما قورن بعرض العام الحالي الذي شطح وبقوة عن ارتباطة بالأعوام الماضية عندما يجسد نايف الراشد في البطولة بمريض نفسي «شكاك» يعاني من مشكلة خيانة زوجته الأولى له التي غيبت تماما بعد الحلقة الأولى حيث كان الأجدى تجاوزها وتتضح الصورة أن سبب العقدة النفسية له من خيانة سابقة ولكن تبقى مشكلة حشو الفراغات الركيزة بالمسلسل وفي العرض الأخير يجسد الرجل الخيّر ورجل الدين دورا مميزا بعد أن كان في الجزء الأول متقمصا لدور الشاب صاحب الجنحة الإجرامية بعد أن تلاشت الشخصيات التي كانت في الأعوام السابقة تماما من خلال العرض الأخير مع إقحام شخصيات لها حجمها لتظليل المشاهد عن سبب استبعاد الشخصيات السابقة ولا ننسى اللزمة الجديدة وهي (يعني صدقني) التي يقحمها نايف الراشد بسياق حديثه بلا مجال يستدعي لها عدا أنها ملاحظة في حالة العصبية لديه اكثر من غيرها.
باب الحارة والزعرنة الشامية
قالت ابنة الملك فاروق الأميرة فريال بعد عرض مسلسل يجسد الحكم الملكي في مصر:
(لم نكن نرفع أصواتنا بهذه الطريقة) تقولها وهي تكاد تطير من التعجب والحرقة وهي محقة كيف بقصر ملكي أن يكون بهذه الفوضى.. هو الأمر الذي تكرر باختلاف الزمان والمكان في باب الحارة حيث انه لم يكن في ذلك العهد للشام العتيه مثل هذه المعارك وكيف يمكن التصديق أن الاستعمار الفرنسي مهووسا ومتشنجا على مجموعة أو أقليات في حواري منزوية عن طموح ومخططات الاستعمار الفرنسي فالملاحظات التي سبق ذكرها عن مسلسل شر النفوس جسدها مخرج باب الحارة بسام الملا حرفيا باختلافات بسيطة منها:
بياع البليلا أبو غالب كان مجبرا على لزمة (بليلا) المزعجة وهو الذي يبطن الحقد – أبو غالب – لعضوات الحارة وهو الناقم على الجميع وذلك في العرض الأول – 2008- ففي العرض الثاني للمخرج بسام الملا وبعد فقدانه أبو غالب بياع البليلا شغل الدور بالنمس بكركتر مطابق في الموقع مختلف في المضمون من خلال تكراره لعبارة (هلا والله أي والله حي الله) وهي الأخرى كسابقتها في المسلسلين ممجوجة وبلا مبرر وهو أيضا – النمس – ناقم ويبطن الحقد لأهالي الحارة بسبب النظرة نفسها التي يعتقدها أبوغالب سابقا وهي نظرة الازدراء والاحتقار وتكرر النمس في العرض الثالث بدور مختلف عن الثاني فبعدما كان عامل رش للمبيدات الحشرية وهو الأمر الذي لم يكن موجودا في عهد الفرنسيين بالشام اصبح بلا هوية ودور مشتت له فتارة يكون أحد أعوان مأمون بيك وتارة ضدة. أما زعماء الحارة بعد الزعيم الأول أبو إبراهيم وفي العرض الثاني أبو شهاب وأبو عصام وفي العرض الثالث بلا زعيم حاول بسام الملا وضع عبارة (العيش تحت ظل حاكم ظالم خيرا من العيش بدولة بلا حاكم) وهي الحارة التي توشك على الانهيار بعد فقدها لزعمائها فزعماء الحارة جميعهم ماتوا بيوم وليلة.. بمعنى أن إزاحتهم الفنية لم تكن بالشكل الفني السليم فعندما كان المشاهد يدرك ان العرض انتهى على وجود شخصيات اعتبارية يتفاجأ بالعرض الجديد بدون تلك الشخصيات بتلميحات من خلال كركترات تفيد موت النجم بين الجزءين لتأتي الفهلوة الفنية، مع الأسف الشديد أن يحتاج إليها مخرج بقامة بسام الملا بنشر إشاعة أن أبو عصام على قيد الحياة وتهميشها مباشرة لتنشغل الحارة وعائلة أبو عصام بأمور الحارة ليثبت لنا من خلالها أن المجتمع أهم من الفرد في ذلك الزمن حسب رغبته طبعاً. كما أن ذاكرة الحارة لا تزال محتفظة بدور الايدعشري وشخصيته أما من خلال ذكر مشاكله عن طريق أبو النار أو بحال تواجد الابن الوحيد له وهو الأمر الذي يبين أنها كانت الشخصية الأجدر والأفضل ولكن المخرج قتلها أو جعلها أولى الضحايا.
ليلة عيد .. موال الانكسار الممل والظلم المتكرر
كثرة الأقاويل حول مسلسل ليلة عيد قبل عرضه وان هناك موانع لن تمكنه من النشر حيث إن العمل عرض بعد الانتهاء منه على التلفزيون الكويتي الذي لم يفسحه حتى قبل رمضان بأيام قليلة ومع عرض المسلسل على محطة MBC طفت على السطح مشاكل النجمة حياة الفهد مع زميلاتها التي لا تخفي أي أمر عن سبب تلك المشاكل كما تخفي مشكلتها مع سعاد عبد الله فبعدما انتهت مشكلة حياة الفهد مع النجمة مريم الصالح حول مبلغ العقد تكررت نفس القضية ونفس المشكلة مع النجمة ليلى سلمان وتزامنت هذه المشكلة مع بدء عرض مسلسل ليلة عيد ويبدو أن دور الضعف والانكسار الذي تفضله النجمة حياة الفهد في أدوارها الفنية ملازما لها خارج التصوير فقد ذكرت في لقاء تلفزيوني سابق لها عن مشكلتها مع مريم الصالح إن مشكلة العقد كانت بحسن نية منها لتتفاجأ حسب قولها بخروج مريم الصالح إعلاميا متجنية عليها وإنها غدرت بها بعد أن وقفت معها سابقا، كما أن مريم الصالح أهانت وشتمت حياة الفهد وهو الأمر الذي ذكرته النجمة حياة الفهد وليس مشهدا تمثيليا بل هو حقيقة وهي الشخصية التي تجسدها وتميل إليها حياة الفهد في بحثها عن السيناريوهات التي فيها ذات اللكنة المبكية والمرأة الفقيرة زوجة الرجل المسكين والكبير في السن في منزل بعيد عن القرية، حياة الفهد تواجدت بنفس اللوكيشن والكركتر من خلال آخر خمس مسلسلات أبرزها (الفرية والداية ودمعة يتيم والخراز وليلة عيد) والأخير الذي اتضحت فيه بشكل جلي للغاية المبالغة في الضعف والسذاجة فهي التي لم تناقش أمر بيع كليتها ولم تناقش أمر البيت الذي حصلت عليه من غانم حبيبها المتوفى، كما أنها عندما مرضت واضطرت للتنويم في المستشفى وكان أخوها عبد الإله يخفي عنها مرضها بالسرطان بادرت وقالت إنها تعلم أنها مصابة بالسرطان بانطباع كما لو أن حالتها الصحية عارض رشح لا اكثر وهو الأمر الذي انعكس على تقاسيم وجه شقيقها الذي فشل في إتقان كركتر الحزن لمدة ثواني معدودة.
الدراما الخليجية تدق آخر مسامير نعشها بعد انعدام التجديد بالوقوف على (لوكيشن) واحد لا يتجاوز الاستعطاف أو الخيانة الزوجية أو إدمان المخدرات، كما حرص الإنتاج الخليجي على التباهي في الهوامش من مواقع التصوير في نفس المنازل والتباهي في الأزياء من خلال التوسل ومساعدة دور الأزياء للفنانات والسيارات التي تستخدم للعرض لتأتي قائمة الشكر للمتعاونين اكثر من أعضاء فريق العمل.
أما الدراما المصرية التي اتجهت إلى تغيير النظرة العامة عن مصر من خلال أبرز ثلاثة أعمال مسلسل الجماعة الذي يعرض على نيل دراما ومسلسل (عايزة أتجوز وزهرة وأزواجها الخمسة)
فالمتابع بدقة لهذه المسلسلات المصرية الثلاثة يجد أن هناك هدفا مصريا قد تحقق من خلال نسف النظرة الفقيرة عن الدوائر المصرية الحكومية فمسلسل (الجماعة) الذي يلاقي معارضة عارمة في هذه الأيام اخرج مبنى النيابة الفخم والمميز بالإضافة إلى البعد عن النظرة القديمة للموظف المصري البسيط بواقعه وإلغاء المبالغة في التقشف المادي للمواطن المصري، كما أن في محتوى مسلسل الجماعة بعد ثقافي ومعرفي مهم للغاية من خلال كشف هوية الإخوان المصريين ومؤسس التنظيم حسن البناء وأهدافه وطموحاته، ويبقى في الأخير مسلسل (زهرة وأزواجها الخمسة) الحلقة الأضعف للمسلسلات المصرية ولكن هذا أيضا لا يقلل من شأن العمل وتبقى هند صبري النجمة التونسية المصرية بطلة الكوميديا الأبرز من خلال العديد من الاستفتاءات.
أما أبرز المسلسلات من حيث اختلاف وجهات النظر يبقى مسلسل (القعقاع بن عمرو التميمي) هو الأبرز والذي كثرت حوله التهم والتي لا يمكن تجاهلها منها المغالطات التاريخية التي وقع فيها مخرج المسلسل المثنى صبيح والخطأ في تلاوة آية قرآنية وهي قوله تعالي (سبح اسم ربك الأعلى) عندما كررت ثلاث مرات بقول (سبح باسم ربك الأعلى) وتناول الصحابة الأكل بالشمال وهو الأمر الذي لا يمكن أن يقع فيه الصحابة في ذلك الوقت، كما أن تنقلات فريق العمل لمواقع مختلفة ابرز النقاط التي أرهقت الفريق من خلال ترحاله للهند والتأقلم على المناخات هناك، كما أن علامات التعجب والاستفهام لا تزال قائمة عن هدف هذا المسلسل؛ وهو هل يحمل في طياته نعرات قبلية وطائفية أم لا؟ فالمسلسل حظي بتسويق إعلامي قوي معلوم وغير معلوم من خلال إعلانات صريحة وإعلانات خفية من خلال إقحام رجالات الدين فيه للتدقيق التاريخي وكما هي في كل عالم تقع المسلسلات التاريخية في نفس الشرك من خلال التهاون في التاريخ وأحداثه خصوصا ذات الجانب العقائدي فكما سبق وقع مسلسل خالد بن الوليد في أخطاء وقع فيها القعاع فنياً هذا العام.