إكس خبر- عاد رئيس حزب القوات اللبنانية سمير جعجع عن مقولته الشهيرة «فليحكم الإخوان». تراجع من دون أن يعلن ذلك صراحة. ولم يعقد مؤتمراً صحافياً يقول فيه إنّ غباشة كانت على عينيه. حقده على النظام السوري عماه فلم ير ما تعرّض له المسيحيون خصوصاً والسوريون عموماً من المجموعات الإرهابية في معلولا وحمص وكسب ومناطق أخرى من تنكيل وتهجير.
رفض تحميل عناصر جبهة النصرة المسؤولية عما يحدث في معلولا، معتبراً أنّ الكلام حول دور «النصرة» هو «مجرّد حكي»، لتأتي أحداث العراق بكل ما فيها من اضطهاد وقتل وتهجير وتنكيل بالمسيحيين ومقدساتهم من قبل ما يُسمّى تنظيم الدولة الاسلامية في العراق والشام «داعش»، لتبدّل في لهجة «الحكيم».
بدأت القوات اللبنانية كسائر الأحزاب والقوى السياسية المنضوية تحت شعاري 8 و14 آذار، تدقّ ناقوس الخطر من هذا التنظيم الإرهابي. وصف جعجع الوضع في الموصل بغير المقبول، مؤكداً أنّ «داعش» تنظيم إرهابي بكلّ ما للكلمة من معنى، إنه تنظيم ظلامي إرهابي مجرم. ودعا كلّ القوى السياسية في المنطقة على مختلف انتماءاتها الى أن تجتمع لمواجهة هذه الظاهرة التي لا تملك بالطبع مقوّمات الاستمرار، ولكنها في نهاية المطاف لا علاقة لها لا بالإسلام ولا بالمسيحية.
ندّد رئيس القوات بالتفجيرات الإرهابية التي وقعت في بئر العبد وحارة حريك، والسفارة الإيرانية، على رغم تحميله حزب الله المسؤولية جراء تدخله في الحرب السورية. إلا أنه اليوم يرى أنّ استمرار هذه الظاهرة سيقضي على الإسلام والمسيحية وعلى الشرق الأوسط.
والسؤال: هل سيبقى «حكيم معراب» على موقفه من تدخل حزب الله في سورية؟ أم انّ وطأة هجومه على الحزب ستتراجع؟ وصولاً إلى إعطاء المقاومة أحقية محاربة هذه الظاهرة الإرهابية التكفيرية، لا سيما بعدما أبدى جعجع استعداده في السابق للحوار مع حزب الله، واستغراب النائب ستريدا جعجع في جلسة مناقشة البيان الوزاري تمكّن الحزب من التحالف مع «الشيطان الأكبر» ولم يستطِع التفاهم مع «القوات»، واعتبار قياديين في «القوات» انّ حزب الله هو الحزب الأكثر تنظيماً في لبنان، وان تحالفه معهم في الانتخابات النيابية يغيّر المعادلات.
في الصالونات الضيّقة، يؤكد بعض «القواتيين» أنّ مصير المسيحيين معلق بمصير حزب الله، وأنّ بقاءهم في لبنان يتوقف على حماية الحزب لهم في ظلّ هذا «التمدّد الداعشي». وأشار الى أنّ عدم تهجيرنا جراء التهديدات من كلّ حدب وصوب، وآخرها من لواء أحرار السنة في بعلبك الذي هدّد بتطهير البقاع من الصليبيين، سنبقى مدينين به للحزب. ويبرّر قياديّو حزب القوات ومناصروه لـ«رجال الله» تدخلهم في الميدان السوري في القصيْر والقلمون ومحاربته المجموعات المسلحة من «داعش» و«النصرة» في السلسلة الشرقية.
وفي المجالس الضيقة، يعترف «القواتيون» انهم لا يملكون الجرأة للاعتراف بأنّ نجاة لبنان من هذه الظاهرة الغريبة كان على يد مجاهدي حزب الله، إلا أنهم في الإعلام والمؤتمرات الصحافية وعلى غرار حلفائهم في حزب الكتائب والمستقلين في 14 آذار لا يعلّقون إيجاباً على دور حزب الله لا من من قريب أو من بعيد، باستثاء أنّ «داعش» هو عدو للسنّي قبل الشيعي والمسيحي والدرزي والعلوي، الا انهم يجاهرون بأن خلافهم مع حزب الله هو على السلاح، ولولا ذلك لكان أقرب الأطراف السياسية الى القوات.
ورفض نائب «قواتي» الدخول في سجال مع زملائه النواب في كتلة الوفاء للمقاومة الذين تربطهم علاقات مجلسية جيدة حول دور حزب الله منذ بدء الأزمة السورية. الا انه يؤكد لـ«البناء» أنّ مواجهة «داعش» في لبنان هي من مسؤولية الدولة اللبنانية، لا الأحزاب اللبنانية، وعلى المكوّنات الوطنية في لبنان إعادة تكوين الدولة عبر الإسراع في انتخاب رئيس للجمهورية، وإقرار قانون انتخابي جديد تجري على أساسه الانتخابات، ودعم الجيش اللبناني، وعودة حزب الله الى كنف الدولة، وأشار الى أنّ مواجهة هذه الظاهرة الخطيرة لا تكون بتفتيت الدولة، لأنّ دولة المؤسسات وحدها تحمي المواطنة.
وحمّل نائب «قواتي» بقاعي مسؤولية ما يجري في العراق وسورية ولبنان الى الاستراتيجية الإيرانية التي تقوم على عسكرة الشعوب التي تحمي الأنظمة في المنطقة الرئيس بشار الأسد في سورية، رئيس الحكومة العراقية نوري المالكي وحزب الله في لبنان ، فأكد لـ«البناء» انّ «التطرف يستجلب التطرف». غير انّ ذلك لا يلغي تخوّف البيئة القواتية الزحلية والشمالية من تمدّد ظاهرة «داعش» والحديث عن إعادة التسلّح لما كان عليه الوضع إبان الحرب الأهلية اللبنانية للبقاء في لبنان، فالدولة العراقية لم تستطع حماية المسيحيّين من هذا المخلوق الإرهابي العجيب.