إكس خبر- تحت عنوان ” ترامب.. لبنان يساوي عامر الفاخوري” كتب منير الربيع في صحيفة “المدن يقول:
“الاهتمام الأميركي بقضية العميل عامر الفاخوري قلّ نظيره. لم تكد الأجهزة اللبنانية تلقي القبض على الرجل، حتّى تحركت الاتصالات الأميركية مع لبنان في سبيل الإفراج عنه. تولى المهمة وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو شخصياً، فأجرى اتصالات بعدد كبير من المسؤولين اللبنانيين، من رئيس الجمهورية، إلى وزير الخارجية والرئيس سعد الحريري، إلى رؤساء أجهزة أمنية، طالباً منهم الإفراج عن الفاخوري بأي طريقة، وإلا سيؤدي البقاء على توقيفه إلى مشكلة بين الولايات المتحدة الأميركية ولبنان، واشنطن لا تريدها ولا تريد التصعيد بسبب هذه القضية.
أوامر ترامب
وعلى ما يقول بومبيو في اتصالاته، فإن الرئيس الأميركي دونالد ترامب مهتم شخصياً بالإفراج عن الفاخوري، ولن يسمح بإبقائه موقوفاً في لبنان. يريده بأي شكل وأي ثمن، مع الكثير من التهديد والوعيد. في البداية كان الجواب اللبناني أن الأمر أصبح لدى الأجهزة القضائية، ويجب انتظار انتهاء المسار القضائي.
قبل حوالى الشهر، تكررت الاتصالات من أكثر من مسؤول أميركي بالمسؤولين اللبنانيين، وحملت المواقف الأميركية تحذيراً وتهديداً. عندها ارتبك المسؤولون اللبنانيون في كيفية التعاطي مع الأمر. لكنهم أيقنوا أنه لا بد من الإفراج عن الفاخوري، وإعادته إلى الولايات المتحدة الأميركية، لأنهم لن يتمكنوا من مواجهة الأميركيين.
الخلاصة اللبنانية أن ترامب يريد الفاخوري لمجموعة أسباب داخلية. فالرجل يحمل هوية إسرائيلية، ويريد ترامب أن يحقق إنجازاً أمام المجتمع الأميركي واليهودي، ما سيفيده بالإنتخابات. وصل المسؤولون اللبنانيون الذين يتابعون الملف إلى خلاصة أنه لا بد من الإفراج عن فاخوري، لأن ترامب يمكن أن يفعل كل شيء في سبيل تحقيق ما يريده. ولبنان لن يكون قادراً على التحمل. ولا يريد مشكلة مع الأميركيين ،لأن مشاكله معهم كافية.
حينها وجد أحد المقربين من رئيس الجمهورية ذريعة مرض الفاخوري لنقله إلى المستشفى، وإخراجه من السجن، كخطوة أولى تجاه الأميركيين، تمهيداً لتدبير أمر الإفراج عنه. بعدها بدأ الحديث والتسويق لصحته المتدهورة. وبالتالي، الخوف من أن يموت في المستشفى فتصدر اتهامات أميركية للبنانيين بأن حال السجون تتسبب بوفاة نزلائها. عندها حاول أحد الوزراء المحسوبين على رئيس الجمهورية، نقل المشكلة التي وقعوا فيها إلى خصومهم في السياسة، فعمل على إبلاغ الأميركيين أن مشكلتهم بخصوص الفاخوري ليست مع رئيس الجمهورية، بل مع حلفاء واشنطن في لبنان. وقصد في المرّة الأولى وليد جنبلاط، لأن الملف في القضاء لدى القاضية نجاة أبو شقرا. حاول فريق الرئيس حشر وليد جنبلاط بالموضوع مع الأميركيين الذين سيضغطون عليه، ليضغط على أبو شقرا، كي تصدر قراراً يقفل الملف ويخرج فاخوري من السجن. فكان الاتصال الأميركي بجنبلاط لمطالبته بذلك. لكن الرجل رفض، وأجاب أنه لا يمكهن التدخل بعمل أبو شقرا، ولا بعمل القضاء، خصوصاً في ملف من هذا النوع لا يمكن التساهل فيه.
سحب الجنسية
اصطدم المسؤولون مجدداً في حائط الارتباك، لأن الرد الأميركي كان الإلحاح لإخراجه بأي طريقة، بغض النظر عن التفاصيل اللبنانية. عندها ظهرت فكرة لدى أحد المعنيين بالملف، تظهر الرئيس ميشال عون في موقع البطل. إذ يقدم على خطوة لم يقدم عليها أحد من قبل، وفي الوقت ذاته تسمح للفاخوري بالمغادرة. هذه الخطوة هي إصدار مرسوم لسحب الجنسية اللبنانية من الفاخوري، بما يحوله إلى مجرد مواطن أميركي يمكن لبلاده أن تستعيده. وقد اقتنع رئيس الجمهورية بهذه الخطوة. وكان يفترض أن يصدر المرسوم، إلّا أن أحد المقربين من الرئيس تدخل لإقناعه بعدم السير في هذا الأمر لأن ذلك سيكون فضيحة، واقترح إعادة الكرة إلى ملعب حلفاء الأميركيين، أي وليد جنبلاط عبر القاضية نجاة أبو شقرا، والنائب ميشال معوض هذه المرة، عبر القاضي طاني لطوف، لأنه إذا ما تم استئناف قرار أبو شقرا، فإن لطوف هو الذي سيبت بالأمر. لكن أبو شقرا رفضت الأمر مجدداً.
الحكومة.. مشكلة حقيقية
وفيما كان المعنيون مستمرين بالبحث عن مخرج لإطلاق سراح الفاخوري، وتجنب أي مشكلة مع الأميركيين، جاء تكليف حسان دياب برئاسة الحكومة. ولذا، ينتظر فريق الرئيس كيفية التعاطي الأميركي مع هذه الحكومة، وإذا ما كانت واشنطن ستتعامل معها بواقعية. عندها سيتم الإفراج عن الفاخوري. ويكون العهد قد وضع “أذن الجرة” الحكومية حيث يريد. خصوصاً أن الحكومة التي يتم تشكيلها ستكون من لون واحد، برفض المستقبل والقوات والاشتراكي المشاركة فيها.. ولا سيما أن الحريري الذي كان قد أبدى إيجابية في البداية للتعاطي مع حسان دياب، أعاد حساباته. أولاً، بسبب انتفاض شارعه ورفض تياره لهذا الخيار، طالما أن الحكومة يشكلها جبران باسيل، كما أصبح معروفاً.
تباطأت حركة تشكيل الحكومة نسبياً على الرغم من استمرار دياب بعقد اللقاءات. وتشير المعلومات إلى أنه يواجه مشكلة حقيقية في توزير الشخصيات السنّية، فبعضهم يرفض وبعضهم يتحمس لكنه يخاف من التبعات والتداعيات. فيما تؤكد المعطيات الأميركية أنه بمعزل عن تشكيل الحكومة، فإن سياسة الضغوط والعقوبات ستبقى وتستمر.. وقد تتصاعد وتتوسع”.