هل نحن إزاء الفصل الأخير من رئاسة دونالد ترمب الذي يمر الآن بأصعب فترات حكمه، أم أن الأمر لا يعدو أن يكون مشهدا من الديمقراطية الأميركية في أبهى تجلياتها؟
سؤال قطعت به نيويوركر الأميركية قول خطيب، إذ ترى أن رئاسة ترمب تلفظ أنفاسها الأخيرة فعلا، وساقت من الشواهد ما يعزز هذا الطرح.
تقول المجلة في مقال لكاتبها آدم ديفيدسون إن الولايات المتحدة تدخل هذا الأسبوع -على وجه اليقين- آخر فصل من فصول رئاسة ترمب.
وليس هذا القول من قبيل النبوءة، بل هو ببساطة الحقيقة الواضحة للعيان، على حد تعبير الكاتب.
وبرأي المجلة فإن الأمر الشائع لدى العامة أن أتباع ترمب انتخبوه لأنهم رأوا فيه تحديدا رجل الأعمال الذي لا يتوانى عن فعل أي شيء يضمن له النجاح، وهو في الحقيقة “اعتقاد خاطئ”.
صحيح أن الكثيرين ليس لديهم فكرة واضحة عن نشاطات ترمب التجارية “المشبوهة” لكن ما إن يُماط اللثام عنها حتى “تنجلي رواية مختلفة تماما عن حقيقة الرجل” هكذا يؤكد الكاتب.
أما الرواية التي سينقشع عنها الغموض فهي أن ترمب لم يجلس على قمة “إمبراطورية عالمية”. فهو -في نظر نيويوركر- ليس ذلك العبقري بالبديهة ولا ذلك الفتى القوي الشكيمة الذي جنى ثروة تقدر بمليارات الدولارات بجرأة لا تعرف الخوف.
يقول الكاتب إن ترمب لم يكن لديه قبل انتخابه رئيسا سوى نشاط تجاري صغير يديره في الغالب اثنان من أكبر أنجاله (دونالد الابن وإيفانكا) ومحامٍ “رديء” اسمه مايكل كوهين الذي يواجه الآن “طوفانا من التهم تتراوح ما بين الاحتيال المالي وغسل الأموال ومخالفات مالية تتعلق بحملة ترمب” الانتخابية.
ويضيف أن هناك أسئلة قانونية مهمة ما تزال مطروحة مثل: ما مقدار ما يعرفه ترمب وأبناؤه عن إجرام شركائهم التجاريين؟ وغيره من أسئلة.
ويخلص المقال إلى أن الإجابة عن ذلك السؤال وغيره ستلعب دورا في البت بشأن ما إذا كان الضالعون في تلك العمليات (ترمب وأبناؤه ومحاميه كوهين) سيُزج بهم في السجون. وإذا كان ذلك كذلك، فكم من العقوبة سيقضونها في غياهب السجن.
وتطرقت المجلة إلى قضية التدخل الروسي المزعوم في الانتخابات الأميركية، فتقول إنه لم تعد التحقيقات في هذا الشأن تقتصر على التواطؤ مع روسيا. فهناك إلى جانب تلك المسألة قضية أخرى على الأقل تتعلق بفحص الرسائل التي عثر عليها المحققون في مكتب المحامي كوهين لدى اقتحامهم له.
ويتوقع الكاتب أن تكشف المعلومات التي وُجدت بداخل مكتب كوهين وغرفته في فندق ترمب -بوضوح على الأرجح- مقدار ما يعرفه الرئيس وعائلته حول التواطؤ مع روسيا وعلاقتهم معها.
ويمضي إلى القول إن “ما نعرفه فعلا يدعو للقلق” مشيرا إلى أن المعلومات التي سيضع المحققون أيديهم عليها قريبا ستزيد الطين بلة على ترمب وحاشيته وأبنائه.
ومن حق ترمب أن يستشيط غضبا وترتعد فرائصه -كما يعبر كاتب المقال- فالمحققون يتحرون الآن عن كنه القضايا التي يُشتبه تورط ترمب فيها.
وتعتقد نيويوركر أن كوهين ظل يمثل الوسيط الرئيسي بين عائلة ترمب وشركائهم حول العالم، كما أنه مستشاره الأول ومن يعقد الصفقات ويعرف كل شيء ويسجل معظمها، وهو ما سيعرفه المحققون.
ولا تعرف المجلة على وجه الدقة إلى أين ستسير الأمور خلال الأشهر القليلة القادمة.
وسيكون هناك إنكار ومقاومة وهجوم مضاد من قبل ترمب وشيعته، لكن المرجح على ما يبدو أننا عندما ننظر وراءنا سندرك أن هذا الأسبوع يمثل نقطة تحول فـ “نحن الآن في آخر مراحل رئاسة ترمب” حسبما تقول نيويوركر في خاتمة مقالها المطول.