إكس خبر- يؤكد مصدر مقرب من المعارضة السورية ان الرئيس السابق لـ «الائتلاف الوطني السوري لقوى الثورة والمعارضة» أحمد معاذ الخطيب سلَّم طهران مشروعاً للحل في سورية، ويسعى الى اقناع أطراف غربية وعربية بضرورة اشراك ايران فيه.
الخطيب الذي نفى الشهر الماضي قيامه بزيارة لطهران، لا يستطيع، في المقابل، ان ينفي التواصل اكثر من مرة مع مسؤولين ايرانيين او مقربين منهم. لا بل انه اعرب مراراً عن استعداده لزيارة اي عاصمة اذا كان في ذلك ما يوقف نزيف الدماء.
المعلومات تفيد بأن الخطيب، الذي ترعرع في وسط اسلامي معتدل، صار أكثر قناعة من أي وقت مضى بضرورة تسريع خطى الحل السياسي لأن القتال لن يؤدي الا الى مزيد من القتل والتدمير. يقول لمن يريد ان يسمع ان العالم كله يستفيد من الحرب السورية سوى السوريين انفسهم. هذا الموقف يناقض تماماً جنوحه، في بعض المرات سابقاً، صوب الدعوة الى تسليح «الجيش الحر» والتدخل الخارجي.
وكان لافتاً ان الخطيب، الذي سبق أن استقال من رئاسة «الائتلاف»، شنّ في الآونة الاخيرة هجوماً لاذعاً على المعارضة. وقال على موقعه: «كفى غباء سياسياً ومتاجرة ببلادنا وشعبنا. وقد ابتلينا بمعارضين أغبياء او أجراء يظنّون ان حضور ندوات حوارية تابعة لمؤسسات استخبارية غربية فيها طهارة اكثر من نداء مفتوح لايقاف النزيف البشري وشلال الدماء في سورية». كذلك انتقد بعض الاسلاميين «الذين لم يعرفوا سورية ولا اهلها، ويضعون انفسهم قضاة على شعبنا وأهلنا، ويبثّون سمّهم في كل دسم، وكل من يخرج عن هيمنتهم فصلوه وشرذموه، وما هم الا داعش الفكر ومقدمة داعش الدم والقتل والتوحش». كما كتب الخطيب داعياً الى مساعدة الكرد السوريين في عين العرب (كوباني) ولأن يتبرعوا لهم قدر ما استطاعوا.
مواقف الخطيب الداعية الى حل سياسي لاقت تشجيعاً من قبل حلفاء سورية وجوبهت بانتقادات لاذعة من قبل رفاقه السابقين. لكن القريبين من الشيخ الدمشقي يؤكدون ان حركته الجديدة تلاقي أصداء ايجابية حتى بين أولئك الذين كانوا يعتقدون حتى الامس القريب بأن الغرب سيساعدهم لاسقاط النظام السوري.
وتفيد معلومات أخرى بأن اجتماعاً حصل مؤخراً في بيروت لمناقشة أفكار الخطيب، وجرى تواصل مباشر معه من خلال شاشة عرضت في مقر الاجتماع. هل كان حزب الله على علم؟ ربما نعم.
وخلال زيارته الاخيرة الى مقر الاتحاد الاوروبي، لاحظ محادثو الخطيب انه شدد على ضرورة حضور ايران في البحث عن حل بديل او مواز لمؤتمر جنيف. ويعتقد الخطيب بأن طهران باتت في مأزق بسبب استنزافها في سورية، وبالتالي فإن اشراكها في الحل قد يضمن لها أيضاً مخرجاً لائقاً. ويرى ان المفاوضات الغربية ـــ الايرانية باتت تسمح للدول الاوروبية بأن تقنع القيادة الايرانية ليس بالتخلي عن دعمها للنظام، وإنما باقناعه بحل سياسي جدي.
يتلاقى موقف الخطيب مع فكرة اوروبية تقول ان العلاقة المتوترة بين اميركا والغرب من جهة، وروسيا من جهة أخرى، ستمنع طويلاً أي ضغط روسي على الرئيس بشار الاسد. لا بد اذاً، وفق الاوروبيين، من التوجه صوب ايران واقناعها بالانخراط اكثر في دعم الحل السياسي، شرط ان يفضي في نهاية المطاف الى ايجاد بديل عن الاسد. حتى الساعة تبدو القيادتان الايرانية والسورية متمسكتين أكثر من اي وقت مضى بالاسد وقيادته. لا بل ثمة من يقول ان المصلحة المتبادلة كبيرة، ذلك ان طهران وموسكو ايضاً في حاجة الى الاسد بقدر حاجته اليهما وليس كما يقول البعض انهما سبب بقائه.
في المعلومات كذلك، حول مبادرة الخطيب، انها تقوم على عدد من البنود التي بات جلّها معروفاً. منها، مثلاً، وقف اطلاق النار، وتشكيل حكومة اقطاب تضم المعارضة والسلطة، والبدء بحوار جدي يفضي الى دستور جديد وانتخابات وتعديل بنية النظام الحالي لكي تتوسع لكل الاطراف.
لكن من خلال الذين اطلعوا على حركة الخطيب، فانه هو نفسه يعترف بضعف تمثيل المعارضة بسبب الخلافات المستحكمة بين اركانها، لذلك فهو يبحث عن «خيار ثالث» يكون بديلاً عن كل المعارضات الحالية ويجمع شخصيات تكون قادرة فعلاً على تمثيل المعارضة والشارع السوري وقادرة على محاورة النظام. يقول «ان الائتلاف انتهى». ويعرف ان الخليجيين اصلاً نبذوا الاخوان المسلمين.
حين سئل مسؤول سوري عن طرح الخطيب اكتفى بالقول: «التحاور مع قائد فصيل مسلح في الداخل وتعزيز المصالحات صار افضل من كل المعارضة الخارجية التي ارتهنت تماماً لدول دمرت سورية. واذا كانت المعارضة غير قادرة على حل مشاكلها بين بعضها البعض، فهل تستطيع فعلا ان تمون على شارع لكي نحاورها؟».
مع ذلك يبدو ان القيادة السورية بحثت مع المبعوث الدولي تفاصيل كثيرة حول آفاق المرحلة المقبلة بما فيها مفاوضات الحل السياسي. فهل يستطيع الخطيب ان يشكل «خياراً ثالثاً» ويجمع معارضة تمثل فعلاً جزءاً من الشارع السوري وتحاور النظام؟ في الجواب شيء من المستحيل. لكن اذا كان مبتغاه وقف نزيف الدم، فلا شك في ان في الامر ما يستحق الاهتمام.