احذروا إدمان الجراحة التجميلية

تخفي التدخلات الجراحية التجميلية المتكررة، التي يطلبها عدد من الزبائن، مشكلات نفسية يعاني منها هؤلاء الافراد، الذين يبحثون عن شخصية اخرى وصورة اجمل وابهى.
يتكرر مشهد غريب في عيادات الجراحة التجميلية، حيث يتفاجأ الاطباء بين الفترة والاخرى بسيدة من اللواتي اجريت لهن عمليات تجميل في الوجه، بقولها «ارجوا ان اخضع للجراحة مرة اخرى، اشعر بالحاجة الى ذلك، لاني ما ازال ارى التجاعيد على جبهتي».
يحاول الطبيب اقناعها، والقول ان عليها ان تترك بعض الوقت للدواء حتى يكتمل مفعوله، أي ان تباعد بين الحقنات، لمدة لا تقل عن شهور.
وامام قرار الطبيب، تصر المريضة وترد «ان رفضتم اخضاعي للجراحة، ارجو ان تعالجوني بأشعة الليزر».

نوعان من المرضى
ليست هذه الحالة معزولة على الاطلاق، حيث يواجه الاطباء العشرات من مثيلاتها يوميا، ويقول الجراح الفرنسي ماريس سلو ان بعض الممثلات «يرغبن في ان أحقنهن يوميا، من دون شك بضغط من وسائل الاعلام التي تدفعهن الى الاهتمام بأجسادهن».
وأما في قاعات الانتظار في المستشفيات والعيادات الخاصة، فتشاهد كثيرات ممن ينتظرن حقنهن للمرة الثالثة والرابعة وووو، سواء على مستوى البطن او الفخذين او المؤخرة أو الذراعين، كما تشاهد ايضا نساء على قدر من الجمال، وهن ينتظرن لمقابلة الطبيب المختص، بهدف اجراء عملية تجميلية تخص الجسد كله، او الانف او الفم او الصدر.
لكن لماذا كل هذا الادمان على الجراحة التجميلية؟
يقول الجراح ستيفان غيشار «علينا ان نميز بين عدة انواع من المرضى، فهناك بعض الاشخاص يعالجون عيبا ظاهرا، وينتهي الامر عند هذا الحد، وآخرون يريدون محو عدة عيوب، ويعودون الى عيادة الجراحة التجميلية، كلما نجحت العملية السابقة».
ويضيف الجراح ذاته قائلا: ان هذين النوعين من المرضى، يشكلان ابرز طلبات العلاج التي نستقبلها يوميا، لكن هناك مرضى يطلبون تكرار العملية بهدف الوصول الى نتيجة مثلى، وهذا إما بسبب فشل العملية السابقة، او لأنهم يشعرون بإصابتهم بالتشوه، وفي هذه الحالات يمكننا فعلا ان نتحدث عن ادمان، لكن هذه الحالات تبقى محدودة الانتشار.
أما الطبيبة النفسانية ومؤلفة كتاب «جمال على المقاس» د. فرانسواز ميييه بارتولي، فتقول إن النساء هن الأكثر إدماناً على الجراحة التجميلية، مقارنة بالرجال، خصوصاً الفئة التي يتراوح عمر أفرادها ما بين 40 و60 عاماً.
ولكن هذه الفترة هي مرحلة انتقالية نخسر فيها الكثير من الأشياء، فخلالها تذهب ملامح الطفولة، ويمحى الشباب لتظهر علامات الشيخوخة، فلم نتردد في تقبيل أنفسنا رغم أنا مررنا بكل مراحل الحياة؟!

رهاب بالعيوب
تفسر النفسانية فرانسواز مبييه بارتولي، الشعور بالخزي الوهمي، الذي ينتاب عدداً من الأشخاص، فيدفعهم إلى الجراحة التجميلية في قولها: يهتم الأشخاص الذين يعانون من رهاب النشوة بالعيوب الجسدية التي لا وجود لها أصلاً، أو أنها موجودة، ولكنها غير بارزة، لذلك تراهم لا يتوقفون عن تصحيحها، إنهم أشخاص مهوسوون بأقل عيب لدرجة أن بعضهم يعتزل الناس ويرفض الظهور!
في الواقع تخفي هذه العيوب شعوراً عميقاً بالاستياء، لذلك يحاول هؤلاء الأشخاص البحث عن شخصية وواقع آخر بفضل الجراحة، وعليه تقع على عاتق الجراحين مهمة توجيههم إلى الأطباء النفسانيين، لأن تغيير جزء من الجسد لا يعني رفع درجة تقبلنا لذواتنا.
وتقول الطبيبة النفسانية ذاتها: إن تكرار الخضوع للعمليات الجراحية التجميلية يكشف عن حالة اكتئاب يرفض المريض الاعتراف بها، رغم أن الجراحات التجميلية تساعد المرضى على استعادة الثقة في أنفسهم.
لكن متى نقول إن الركض وراء إجراء عمليات تجميلية أصبح مرضياً لدينا؟
يقول الجراح ماريس سلو: إن الأمر يتحول إلى إدمان، كلما طلب المريض حقنة كل شهرين أو ثلاثة. أما الطبيبة النفسانية بارتولي، فتطلب من كل مريض أن يطرح على نفسه هذا السؤال، ما الذي انتظره؟ وتوضح: سيكون التدخل الجراحي ذا فائدة، إذا كان المريض يبحث عن تغيير صورته إلى صورة أجمل لكن سيكون للجراحة انعكاسات نفسية سيئة، إن كانت الأهداف كبيرة وظن المريض بأن كل شيء سيتحسن في حياته بمجرد خضوعه لأي نوع من الجراحة التجميلية.

شاهد أيضاً

“النصرة” تهدد حزب الله: معركتنا في لبنان لم تبدأ بعد

  إكس خبر- أعلن زعيم “جبهة النصرة” أبو محمد الجولاني في مقابلة صوتية مسجّلة بثت …

اسرائيل تعتدي على فلسطينيين في المسجد الاقصى

  إكس خبر- اندلعت صباح اليوم مواجهات في باحة المسجد الأقصى حيث دخل شرطيون إسرائيليون …

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *