إكس خبر- لم يعد تسليم «إسرائيل» ورضوخها لمعظم مطالب المقاومة الفلسطينية مجرد تسريبات صحافية، ونقلاً عن مصادر غير رسمية، بل بات اعترافاً رسمياً. وهذا يعني أن المقاومة نجحت في التفاوض بتحقيق انتصار سياسي، كما نجحت في الميدان في إلحاق الهزيمة بالجيش «الإسرائيلي» عبر منعه من تحقيق أهداف عدوانه.
على أن من يقرأ تفاصيل الاتفاق الذي وافقت عليه «إسرائيل» ونشرته صحيفة «معاريف» التفاصيل في مكان آخر من الصفحة يتيقن من أن «إسرائيل» سلمت بغالبية المطالب الفلسطينية الواردة في الورقة التي قدمها الوفد الفلسطيني الموحد في المفاوضات. أما البنود التي لم يجر الاتفاق عليها أو قبول «إسرائيل» بها، فإن هناك في مقابلها أيضاً بنوداً «إسرائيلية» لم توافق عليها المقاومة، ولهذا تركت كلها إلى التفاوض لاحقاً. مع لفت النظر إلى أن المقاومة لديها ورقة تفاوضية قوية وهي جثتي الجنديين «الإسرائيليين» فيما يدور حديث عن أن أحدهما قد يكون أسيراً ما زال على قيد الحياة.
أما توقيع الاتفاق وإعلانه رسمياً، فإنه فيما يبدو ينتظر مشاورات رئيس الوزراء «الإسرائيلي» بنيامين نتنياهو مع وزراء حكومته في المجلس المصغر، حيث لديه مهمة شاقة لتليين مواقفهم وإقناعهم بالقبول بالاتفاق والتسليم بتخلّي «إسرائيل» عن مطلبها بنزع سلاح المقاومة الذي رفضت مصر عرضه على طاولة التفاوض.
ويظهر ذلك الفارق بين الوضعين الفلسطيني و«الإسرائيلي»، فلأول مرة يبدو الجانب الفلسطيني موحداً من دون انقسامات ولا خلافات، متفقاً على ما يريده من مطالب مقابل القبول بوقف نار جديد، فيما الجانب «الإسرائيلي» منقسماً ويعيش حالة تخبط وإحباط بشأن التوقيع على اتفاق يشكل هزيمة سياسية واضحة لا لبث فيها لـ«إسرائيل»، تضاف إلى هزيمتها العسكرية. وهو أمر يحدث للمرة الأولى في الصراع بين المقاومة الفلسطينية والعدو الصهيوني.
ويؤشر ذلك إلى أن المقاومة نجحت أيضاً في الاحتفاظ بورقة تفاوضية قوية لاستكمال تحقيق بقية مطالبها، فيما فشلت «إسرائيل» في محاولتها شمول استعادة جثتي الجنديين ضمن الاتفاق المذكور، ما يعني أن إدارة المفاوضات من الجانب الفلسطيني لا تعكس فقط موقف قوة مستند إلى انتصار ميداني، وتأييد شعبي كاسح، بل وأيضاً قدرة على إدارة التفاوض مع عدو لطالما برع في هذا المجال وكان دائماً يتفوق على المفاوض الفلسطيني ويحقق المكاسب على حسابه.
على أن خروج صحيفة معاريف بعنوان رئيسي على صفحتها الأولى، «في انتظار محمد ضيف» إنما يؤشر إلى مستوى التنسيق بين الوفد الفلسطيني المفاوض وقيادات المقاومة في الميدان، للوقوف على رأيها في الاتفاق وما إذا كان يلبي في هذه اللحظة التطلعات الفلسطينية، وفي الوقت نفسه يحمل في طياته معاني كبيرة من زاوية جعل «الإسرائيلي» يتنظر قرار قيادة المقاومة في الميدان بالموافقة على الاتفاق، بعد أن أقر بمعظم المطالب الفلسطينية وتنازل عن مطالبه غير الواقعية وغير ممكنة التحقيق.