خبر – نتعلم كل شيء في الحياة, لكننا نهدر فرصا مهمة لا نعلم أنها ستعود علينا بالفوائد من كل جانب وحدب وصوب, إدارة الوقت أهم عنصر في حياتك تعلمه الآن قبل فوات الأوان.
“الوقت هو المال”، هي عبارة استخدمها بنجامين فرانكلين في مقال كتبه عام 1748م، بعنوان (نصيحة لرجل أعمال شاب)، قد تبدو هذه العبارة واقعية، ولكن الواقع هو أن الوقت أثمن بكثير من المال، فهو مورد قيّم ومحدود، يمكن للمال المُهدر أن يُسترجع، ولكن ثانيةً واحدة مهدرة لا يمكن استرجاعها للأبد، إدارة الوقت مهارة نرغب جميعا في تحسينها بينما نتصارع مع مسألة تنظيم الوقت يوميا..
إهدار الوقت يكلفنا الكثير على المدى الطويل، تقول حكمة يونانية قديمة: “أكثر النفقات تكلفة هو الوقت”، من جهة أخرى تسمح لنا إدارة الوقت بالشكل الصحيح بقطف ثمار التوازن في الحياة، تقليل مستوى الإجهاد، الاستمتاع بالوقت، إنجاز المزيد، تحسين نمط العيش بشكل عام.. وأكثر.
خطّط، حدد الأهداف، ضع قائمة المهام، ركز على مهمة واحدة في وقت واحد، تجنّب عناصر الإلهاء، حدد مواعيد نهائية، فوّض المهام، تخلص من المماطلة… إلخ، نصائح كثيرة نسمعها عن مهارات إدارة الوقت المثبتة، والتي يمكن أن تساعدنا في تحقيق النجاح، ولكن الكثير منا رغم المحاولات يفشل في ترتيب الوقت بالشكل الصحيح، في هذا المقال سنكتشف بعض الأسرار حول استثمار الوقت وكيفية إدارة بفاعلية أكبر.
لماذا نفشل في إدارة الوقت
تحديد الأسباب التي تدفعنا للفشل في كيفية إدارة الوقت أمر ضروري لكي نعالجها، ونكتسب المهارات اللازمة لتنظيم وقتنا، من أكثر الأسباب والأخطاء شيوعا لفشلنا في إدارة الوقت:
أن تكون مشغولا بدل أن تكون منتجا، إذا كنت مشغولا فستُنتج أقل في وقت أطول، ولكنك ستنجز أكثر في وقت أقل إذا قررت أنك ستكون أكثر إنتاجية من كونك أكثر انشغالا.
أن تسمح للعادات السلبية بأن تسيطر على وقتك وتديره، مثل الدردشة، تصفح مواقع التواصل الاجتماعي، التحقق من البريد الإلكتروني، مشاهدة التلفزيون… إلخ.
أن تختار الوقت الأسوأ لكي تبدأ العمل، لذلك ينبغي أن تختار الوقت الذي يناسبك للاستفادة منه قدر الإمكان، يمكن أن تكون من الأشخاص الذين يميلون للعمل بإنتاجية أكبر في الصباح، أو قد تكون أحد الأشخاص الذين يُفَضّلون العمل بعد منتصف الليل، اختيار الوقت المناسب لتقوم بأعمالك يشكّل فرقا كبير في كمية ونوعية وجودة ما ستنجزه.
إغفال أهمية وضع الأهداف، التخطيط، جدولة المهام، تحديد مواعيد نهائية للأعمال، أو تحديدها والفشل في الالتزام بها، يتسبب في فوضى وتراكم الأعمال، وإجهاد منقطع النظير.
مهارات إدارة الوقت: كيف تدير وقتك بفاعلية أكبر؟
يقول بنجامين فرانكلين: (هل تحب الحياة؟ إذن لا تهدر الوقت لأنه المادة التي صُنعت منها الحياة)، استثمار الوقت وإنفاقه بحكمة يساعد في تحقيق النجاح على المستوى الأكاديمي والمهني والشخصي، وهو ضرورة مُلحّة للاستمتاع بحياة أفضل على المدى الطويل، فيما يلي بعض الأفكار الجديدة لنتعلم كيفية اكتساب مهارات إدارة الوقت بفاعلية حقيقية:
احترم الوقت
احترم الوقت
الأمر مفرط في التبسيط أجل! ولكنه على قدرٍ عالٍ من الأهمية، لا يمكن أن تكتسب مهارات إدارة الوقت ما لم تعرف أهمية إدارة الوقت، وتُظهر الاحترام الكبير لوقتك ولوقت الآخرين سواء كنت موظفا، رائد أعمال، طالبا.. إلخ، يقترن النجاح باحترام الوقت، سواء للأفراد، المؤسسات، أو حتى الأمم.
تُصنف خدمة السكك الحديدية في اليابان ضمن الخدمات الأعلى كفاءة عالميا، نتيجة السعي الدؤوب للالتزام بالمواعيد واحترام الوقت، قد دفع الاحترام الشديد للوقت في اليابان شركةً مثل تسوكوبا إكسبريس والتي تقلّ 130 مليون مسافر سنويا بين أكيهابارا في طوكيو وتسوكوبا في محافظة إيباراكي ، وهي رحلة تستغرق حوالي 45 دقيقة، إلى الاعتذار بسبب مغادرة القطار مبكرا 20 ثانية قبل موعده الرسمي عام 2017 ! بينما أصدرت شركة JR-West اليابانية بيانا اعتذرت فيه للعملاء بسبب مغادرة القطار مبكرا 25 ثانية قبل موعده في منتصف مايو 2018 ! واعتبرته “عملا لا يمكن تبريره”، وأكّدت الشركة أن الموظفين سيحصلون على تدريب إضافي، لذا لن يحدث الخطأ مرة أخرى، دفعت ردود الفعل الإيجابية من طرف تلك الشركات حول مسألة احترام الوقت عشرات الصحف العالمية وملايين المستخدمين عبر شبكات التواصل الاجتماعي للإشادة بهذا الانضباط، والحديث بإعجاب عنها، ومقارنتها بباقي خدمات السكة الحديدية في بلدان أخرى.
احترامك الوقت، يُظهر مدى الجدية والانضباط اللذين تتحلى بهما، ويعطي انطباعات جيدة عنك بين الآخرين ويُكسبك احترامهم وثقتهم، ويمنحك كفاءة كبيرة في كيفية إدارة الوقت، لذلك لا يمكن أن تتوقع النجاح في إدارة الوقت ما لم تُظهر الاحترام اللازم للوقت.
أدر نفسك لا وقتك
“لا تقل أنك لا تملك الوقت الكافي، لديك بالضبط نفس عدد الساعات في اليوم التي تم منحها لهيلن كيلر، وباستور، ومايكل آنجيلو ، الأم تيريزا ، ليوناردو دا فينشي ، توماس جيفرسون ، وألبرت أينشتاين.” H. Jackson Brown Jr
إذا كنت تهدر وقتك بين الدردشة، الألعاب الإلكترونية، تصفح الإنترنت.. إلخ وتشتكي من ضيق الوقت، فالمشكل لا يكمن في كيفية إدارة الوقت بل بك، هناك 24 ساعة في اليوم، لا تفكر في كيفية إدارتها، ما لم تفكّر في كيفية إدارة نفسك ومهامّك، الجميع يمتلك عدد الساعات نفسها، ولكن بعض الأشخاص قادرون على إنجاز المزيد في 24 ساعة مقارنة بغيرهم، ما يمنحهم فرصا أكبر لإحراز النجاح و تحقيق الأهداف التي خططوا لها، إذا فشلت في إدارة حياتك فمن المتوقع أنك ستفشل في إدارة الآخرين، كقائد، أو كصاحب عمل، أو رب أسرة.
يناصر الكثيرون هذه الفلسفة حول إدارة الوقت بالتأكيد على أن السر يمكن في إدارة أنفسنا بالطريقة المثالية، يقول ستيفن رايت مثلا: (من المستحيل “إدارة” الوقت، هناك 24 ساعة في اليوم، 60 دقيقة في الساعة، و 60 ثانية في دقيقة واحدة، لا يمكنك إبطاءها أو تسريعها.)
بإدارة نفسك ستجد أن الوقت ينتظم معك طواعيةً، بينما عندما تعجز عن إدارة نفسك ستكتشف أنك تركض وراء الوقت دون جدوى، إدارة نفسك تعني استثمار الوقت الذي لديك بالشكل المناسب، وأن تستفيد من مهاراتك قدر الإمكان، وأن تكتسب العادات اللازمة التي تساعدك على تحقيق النجاح، كن على وعي، وعلى بينة من أهمية إدارة الوقت بالنسبة لك، راقب سلوكياتك عزز الإيجابية منها وتخلص من السلبية، ركز على نقاط قوتك، واعمل على تحسين نقاط الضعف لديك لتطوير أسلوب أفضل لإدارة وقتك وحياتك.
إدارة نفسك تتضمن أيضا أن تعرف قدراتك وما يمكنك فعله، وأن تعرف ما لا يمكنك فعله لتفوض آخرين للقيام به، وأن تعرف ما هي أهدافك ودوافعك؟ ما الذي تريد أن تكونه؟ ما هي الخطط التي تضعها لكي تحقق طموحاتك؟ ما المدة الزمنية التي حددتها لتحقيق ذلك؟ ما مدى التزامك وقدرتك على رفع التحديات في وجه العقبات، ومدى جديتك في الوصول إلى قمة النجاح.
فقه الأولويات
ترتيب الأولويات واحد من العناصر الأكثر أهمية في إدارة الوقت بشكل فعال، الأولويات هي تلك المهام القليلة الأولى التي تستحق الاهتمام بها، ويُعرف فقه الأولويات بأنه: “وضع كل شيء في مرتبته، فلا يؤخر ما حقه التقديم أو يقدم ما حقه التأخير ولا يصغر الأمر الكبير ولا يكبر الأمر الصغير.”
بالرغم من أن فقه الأولويات هو مصطلح إسلامي يُستخدم للمفاضلة بين الأعمال والعبادات، إلا أنه يصلح لأن يكون قالبا لتشكيل كل أولوياتنا في الحياة، أن تجعل أولوياتك هي الأسس والمعايير التي تضبط وقتك سيضمن لك النجاح في حياتك.
عندما تقضي الوقت في أعمال ليست ذات أولوية لن يكون لديك فرصة لاستثمار الوقت في أولوياتك الأكثر أهمية، وستبقى مشغولا بدل أن تكو منتجا، خصص بعض الوقت لتحديد أولوياتك وكتابتها، حافظ على أولوياتك بسيطة وواضحة قدر الإمكان، وتأكد أنك ستعرف كيف تتعامل مع أولوياتك وأولويات الآخرين الذين يطلبون منك المساعدة.
إدارة الأولويات مهارة عالية القيمة، وأهميتها بأهمية إدارة الوقت، بل إن البعض يعتبر إدارة الوقت فن من فنون إدارة الأولويات، هناك الكثير من النماذج التي تساعد في إدارة الأولويات بفاعلية نذكر منها:
مصفوفة أيزنهاور لإدارة الأولويات
تم اقتباس هذا النموذج من خطاب ألقاه الرئيس الأمريكي دوايت ديفيد أيزنهاور عام 1954م، يقول أيزنهاور: “كلما كان عنصرًا أكثر أهمية، قل احتمال أن يكون الأمر ملحًا، وكلما كان العنصر أكثر إلحاحًا، قل احتمال أنه مهم”.، طور أيزنهاور إطارا لتحديد الأولويات وإدارة وقته الشخصي ومهامه، أُطلق عليه فيما بعد “مصفوفة أيزنهاور” وقد قسّم الأولويات إلى أربع فئات: مهمة وعاجلة، مهمة غير عاجلة، غير مهمة وعاجلة، غير مهمة وغير عاجلة، وقد تعامل مع الأربع فئات بالتقسيم التالي:
- يتم التعامل مع العناصر المهمة العاجلة على الفور.
- يتم جدولة وقت لإنجاز الأمور المهمة غير العاجلة.
- يتم تفويض الآخرين لإنجاز الأمور غير المهمة العاجلة.
- يتم إلغاء الأمور غير المهمة، وغير العاجلة.
- يمكن تحميل نموذج قابل للطباعة لمصفوفة أيزنهاور لإدارة الأولويات من هنا
2. تقنية الفرز
طريقة الفرز من التقنيات الناجحة في تنظيم الوقت، وإدارة الأولويات، تم تطوير هذه التقنية في الحرب العالمية الأولى من طرف الجيش الفرنسي، عندما غصّت مراكز تبديل الملابس بالجنود الجرحى في الساحة الخلفية ليتمكن الأطباء والممرضات من علاجهم، كان عدد الجنود يفوق قدرة الأطباء والممرضات على تقديم العلاج المناسب للجميع في وقت قياسي يضمن إنقاذ أكبر عدد من الجنود، وقد تم حل المشكل عن طريق تقسيم الجرحى إلى ثلاث مجموعات:
المجموعة الأولى: تتكون من أولئك الجنود الذين من المرجح أنهم سيموتون، بغض النظر عن مقدار العلاج التي سيتلقونه، لذلك تم وضعهم جانبا ليموتوا بسلام.
المجموعة الثانية: شملت أولئك الجنود الذين لديهم فقط جروح خفيفة، وكانوا سيبقون على قيد الحياة سواء حصلوا على علاج فوري أم لا، وتم وضعهم جانبا أيضا في انتظار الانتهاء من المجموعة الأخيرة.
المجموعة الثالثة: تألفت من أولئك الجنود الذين لا يمكنهم النجاة إلا إذا تم علاجهم على الفور، وكانت هذه المجموعة هي ما ركز عليه الأطباء والممرضات اهتمامهم، وبدؤوا في تقديم العلاج لهم.
لإدارة وقتك بشكل مثالي، يمكن أن تقسم أولوياتك كما قسم الأطباء الجنود الفرنسيين:
مهام يمكن إلغاؤها دون أن يشكل ذلك أي ضرر.
مهام يمكن تأجيلها، بعد الانتهاء من الأهم.
مهام يجب أن تنفّذ فورا ودون أي تأخير، وهي التي ينبغي أن تركز اهتمامك عليها.
كل ما تتعلمه حول أهمية إدارة الوقت، أفضل النصائح، تقنيات تنظيم الوقت، والأدوات المستخدمة في إدارة الأولويات، لا يمكن أن يشكل فرقا ما لم تكن لديك النية الحقيقية لإحداث التغيير في الطريقة التي تتعامل بها مع الوقت، مع العمل على تحسين عادات التركيز، الالتزام، الدقة الانضباط، والصبر.
أخبرنا ما هي عاداتك في إدارة الوقت؟
الكاتبة: منجية إبراهيم