اذا, كيف نتعامل مع طفلنا لو كان كثير الكذب؟ سؤال تم طرحه في ورشة عمل بالبحرين أثناء التدريب على طريقة غير تقليدية لعلاج مشاكلنا التربوية، وقد استخرج الحضور أكثر من «15» فكرة ذكية في علاج كذب الأطفال، وقد يستغرب البعض من الأفكار التي سأكتبها ولكن كان الهدف من الورشة التدريب على التفكير سواء كانت الفكرة جيدة أم لا، وفي حالة كانت الفكرة لا تصلح تم التدريب على تطويرها.
وملخص هذه الأفكار هو: الأولى: أن نمنع عن الطفل شراء الأشياء الغالية أو التي يرغب فيها، ونربط رفضنا بالشراء له بسبب كذبه، والثانية: أن نجعله كلما كذب أن يتصدق بصدقة على الفقراء أو المساكين أو أن يضع بالحصالة التي بغرفته، فنكون بهذه الوسيلة قد علمناه بعمل شيء إيجابي بحياته كلما عمل شيئا سلبيا أو خطأ، والثالثة: هي فكرة فكاهية كأن تكون لدينا مجموعة صور شخصية له أو للعائلة وكلما كذب علقنا الصورة بغرفته بشكل مقلوب فيكون ذلك حافزا له لترك الكذب، والرابعة: كانت فكرة غريبة وهي أن نلون يده أو نصبغ أظافره كلما كذب كذبة، وبعض الحضور بالورشة قال مازحا أو نلون لسانه بصبغ أزرق، الخامسة: قال أحد الحضور أن أمه كانت تضع الفلفل في فمه عندما يكذب على منهج الأولين في التربية، وعلقت إحدى الحاضرات قائلة إن أمها كانت تهددها بوضع «الكركم» بفمها إذا كذبت ولأنها كانت لا تحب طعمه ولا تشتهيه فصارت تتحدث بصدق، السادسة: أن نخصص للكاذب لباسا بلون معين كقميص أحمر أو ثوب أصفر يلبسه كلما كذب، فتكون علامة له ولإخوانه ويسمى هذا القميص «قميص الكذب»، واقترح البعض أن يلبس قميصا خشنا يعمل من خيشة العيش، السابعة: أن نقص من شعره قليلا عندما يكذب فيخاف من قص الشعر ويتوقف عن الكذب، الثامنة: لعبة الكاسات الملونة وهي أن نضع كاسة ملونة بالصالة كلما كذب وإذا اعتذر أو تأسف ترفع كاسة فتكون حافزا له على ترك الكذب، التاسعة: أن تكون عندنا صفارة مزعجة وكلما كذب صفرنا بهذه الصفارة بصوت عال، العاشرة: أن تكون لدينا علبة فيها حلويات وكاكاو ونزيدها كلما كان صادقا بحديثه، الحادية عشرة: أن يتم تعليق لوحة بالغرفة فيها نجوم كثيرة وكلما كذب كذبة نلغي نجمة من اللوحة فيتحمس للمحافظة على النجوم فيها، الثانية عشرة: أن يركض كلما كذب أو يقفز عشرين قفزة أو أن يقف عند الجدار لمدة خمس دقائق، الثالثة عشرة: قال أحد الحضور فكرة فكاهية ضحكنا عليها كلنا وبعض الحضور تحمس لتطبيقها، وهي في حالة كذب الفتاة أو الصبي فإنه يجعله يشتم رائحة لا يحبها ويكرهها فتكون سببا في تركه للكذب، الرابعة عشرة: أن نخصص له حبلا طوله نصف متر وكلما كذب ربطنا حبلا بالآخر لنرى كم طول الحبل، الخامسة عشرة: أن يصمت بعد كل كذبة لمدة ربع ساعة أو نصف ساعة عقوبة عما فعل.
فهذه أفكار ذكية اقترحها الحاضرون بالورشة لكذب الأطفال، وفي الغالب يكون الخوف هو السبب الرئيسي لكذب الطفل، وإذا لم يعالج الكذب وصار ملازما فإن الطفل يمارس معه سلوكين سلبيين وهما الغش والسرقة، وينبغي قبل أن نبدأ بالعلاج أو نتهم الطفل بالكذب أن نتأكد هل هو فعلا كذاب أم لا، فقد يكون كذبه خيالا فهذا ليس بكذب، أو أنه يريد أن يعظم ذاته ويظهر بمظهر القوة فيصف نفسه بأوصاف غير صحيحة، أو أنه يكذب على صديقه أو زميله بالمدرسة عند الخلاف والخصومة، أو أنه يكذب دفاعا عن نفسه لأن والديه لا يصدقان كلامه، أو أنه يكذب تقليدا لوالده أو والدته لأنه سمعهما يكذبان أكثر من مرة فتعلم الكذب منهما، فلابد أن نفرق بين الكذب الطارئ والعابر وبين الكذب المرضي والمستمر، لأن الكذب العابر لا يستحق أن نقف عنده إلا بتوجيه بسيط، أما الكذب الدائم والذي تحول فيه الطفل إلى صفة الكذاب من كثرة كذبه فهذا الذي ينبغي أن يعالج من خلال الحوار معه أولا، وتعريفه بالفرق بين الكاذب والصادق، وإيجابيات وسلبيات كل سلوك منهما، وأهم خطوة علاجية ألا نمارس العنف مع أبنائنا ونحن نعالجهم أو نوجههم كما لا ينبغي أن نضربهم أو نستهزئ بهم.
ونعلم أبناءنا أن الكذب لا يسمح فيه أبدا إلا في ثلاثة مواطن: الأول، بالحرب لأن الحرب خدعة، والثاني، للإصلاح بين المتخاصمين، والثالث، للإصلاح بين الزوجين، ونعلم أطفالنا أنه لا يوجد كذب أبيض أو كذب أسود أو يوم يخصص في العام للكذب، وإنما الكذب كله واحد وهو سلوك سيئ، وأن معيار معرفة الإنسان هل هو صادق أم كاذب؟ أنه يصدق في موطن لا ينجيه إلا منه إلا الكذب ففي هذه الحالة يكون صادقا وهذا ما ذكره المعيار قد ذكره الجنيد رحمه الله، فالكذب شهي والكذاب يضحك الناس ويسليهم من خلال الكذب، ولهذا قال لقمان لابنه موجها: «يا بني احذر الكذب فإنه شهي كلحم العصفور، من أكل منه لم يصبر عليه»، ولهذا فإن الوالدين ينبغي أن يواجها كذب طفلهما بتوجيه وحكمة من غير حرمانهم من إبداعهم أو التضييق عليهم خيالهم، بل نشجعهم وننمي خيالهم ونحذرهم من الكذب.