إكس خبر- جاء إعلان صحيفة “نيويورك تايمز” أنها اطلعت على مقتطفات غير منشورة من كتاب مرتقب لجون بولتون، مستشار الأمن القومي السابق للرئيس دونالد ترامب، بمثابة قنبلة هزت مضاجع الجمهوريين وسط محاكمة مجلس الشيوخ لترامب.
وطبقا للصحيفة، فقد تضمنت المقتطفات ما يشير إلى أن بولتون وكبار مساعدي الرئيس ترامب حثوه على الإفراج عن المساعدات التي اعتمدها الكونغرس لأوكرانيا، في الوقت الذي قال فيه ترامب لبولتون إنه يفضل عدم إرسال مساعدات لأوكرانيا، حتى تسلمه كل المواد التي لديها بشأن تحقيق ضد خصمه جو بايدن.
ومن شأن هذه المعلومات أن تعقد من مهمة فريق الدفاع عن ترامب أمام مجلس الشيوخ وهو ما قد يسبب حرجا كبيرا لأعضاء المجلس الجمهوريين.
ويعتمد فريق دفاع الرئيس على إستراتيجية محورها أن تجميد المساعدات كان بهدف مكافحة الفساد في أوكرانيا، وليس استهداف بايدن.
من سرب المقتطفات؟
السؤال الأهم الذي يرتبط بتسريب مقتطفات كتاب بولتون هو مصدر هذه التسريبات. وهناك عدة احتمالات، أولها أن يكون فريق بولتون نفسه هو مصدر التسريب بهدف الضغط على الجمهوريين، ربما لاستدعائه للشهادة أمام المحاكمة الجارية في مجلس الشيوخ.
وكان المجلس قد رفض طلب الديمقراطيين استدعاء بولتون للإدلاء بشهادته. وجاء الرفض على أساس حزبي، إذ رفض كل الأعضاء الجمهوريين الـ 53 الطلب في الوقت الذي صوت فيه كل الديمقراطيين الـ 47 لصالح الاستدعاء.
الاحتمال الثاني أن يكون مصدر التسريب هو أحد العاملين بالبيت الأبيض ممن لهم حق الاطلاع على مادة الكتاب، بهدف مراجعتها قبل النشر، وسبق أن شهد البيت البيض تسريبات عدة خلال حكم ترامب، بعضها ارتبط بالتحقيقات حول التدخل الروسي في الانتخابات الأخيرة، وبعضها ارتبط بجريمة مقتل جمال خاشقجي.
من جانبه، عبر الرئيس ترامب عن غضبه في سلسلة تغريدات جاء فيها “إذا قال بولتون ذلك، فهذا ليحقق مبيعات أكبر من كتابه، في حين أكد تشارلز كوبر محامي بولتون في بيان أن تقرير نيويورك تايمز صحيح، وأنه يكشف أن عملية المراجعة قبل النشر شابها فساد، وأن المعلومات سربت من قبل أشخاص آخرين غير المشاركين في مراجعة المخطوط.
وتحتم قوانين النشر على الموظفين الحكوميين ممن عملوا في قضايا تتعلق بالأمن القومي ولديهم رغبة في نشر كتاب عن خبرتهم، أن يقدموا مسودة الكتاب للمراجعة قبل النشر مع جهة العمل السابق لضمان عدم نشر أي أسرار.
انقسام متوقع
وفي تداعيات التسريب، طالب رئيس فريق الادعاء الديمقراطي آدم شيف مجلس الشيوخ باستدعاء بولتون كي يدلي بشهادته خلال محاكمة ترامب بعد التسريب الأخير.
وقال شيف في تغريدة على تويتر إن الأسباب باتت معروفة الآن لمنع بولتون من الإدلاء بشهادته من طرف البيت الأبيض.
وغرد تشك شومر زعيم الأقلية الديمقراطية بمجلس الشيوخ “على الجمهوريين بمجلس الشيوخ أخذ المبادرة واستدعاء جون بولتون ومايك موليفاني وآخرين ممن لهم علم بمواقف وقرارات ترامب”.
موقف بيلوسي
ورأت رئيسة مجلس النواب نانسي بيلوسي أن تقرير نيويورك تايمز “يمنح فرصة للجمهوريين للاختيار بين التستر على جريمة أو حماية الدستور”.
في المقابل، هاجم أنصار ترامب تقرير نيويورك تايمز، وقال مارك ليفينت المحلل السياسي بشبكة فوكس إن التقرير “لم يحتو على أي نص مما جاء في كتاب بولتون”.
بدوره، قال ليندسي غراهام السيناتور الجمهوري وحليف ترامب إنه “إذا كان هناك رغبة من الأعضاء الديمقراطيين لاستدعاء المزيد من الشهود، فيجب إعطاء الحق نفسه للرئيس ترامب ليحدد هوية الشهود الآخرين الذين يجب استدعاؤهم”.
وكان ترامب قد تساءل سابقا عن عدم استدعاء الديمقراطيين لجو بايدن أو ابنه هنتر لتقديم شهادتهما في التحقيقات.
ويرفض بايدن أي إشارة أو دعوة استدعاء للشهادة خاصة مع اقتراب انتخابات ولاية آيواه المقرر لها الثالث من الشهر القادم.
ولم تخرج تصريحات أو بيانات من الكثير من أعضاء مجلس الشيوخ الجمهوريين الذين تجمعهم بعض الخلافات مع الرئيس ترامب، وقد يكون لهم دور حاسم في الساعات والأيام القادمة فيما يتعلق بمحاكمة ترامب، مثل السيناتور ميت رومني والسيناتور سوزان كولينز والسيناتور ألكسندر لامار.
وأشار استطلاع للرأي أجرته شبكة أي بي سي وصحيفة واشنطن بوست، إلى موافقة 66% على استدعاء المزيد من الشهود في محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ، وذلك في الوقت الذي انقسم فيه المستطلعون حول عزل ترامب أو بقائه بالحكم.
شهادة بولتون
وفي في بيان وجهه لوسائل الإعلام الأميركية، أكد محامي بولتون أنه “أرسل نسخة الكتاب لمجلس الأمن القومي بالبيت الأبيض في 30 ديسمبر/كانون الأول الماضي لمراجعته والتأكيد على عدم مخالفته قواعد نشر أي أسرار تتعلق بالأمن القومي الأميركي”.
وفي بداية محاكمة ترامب أمام مجلس الشيوخ، رفضت الأغلبية الجمهورية طلبا تقدم به الديمقراطيون لاستدعاء بولتون.
وتقليديا يرى الديمقراطيون بولتون داعية للحروب وشخصا شديد التطرف، إلا أنه أصبح يمثل الأمل الأكبر للديمقراطيين في توفير معلومات تضر بموقف ترامب.
وتشير نتائج التحقيقات إلى أن بولتون عارض أي تأجيل في منح أوكرانيا المساعدات العسكرية، رغم محاولات ترامب ومحاميه تأجيل هذه المساعدات.
وتمنح خلفية بولتون كدارس للقانون في جامعة ييل العريقة، وعمله السابق بوزارة العدل أثناء حكم الرئيس رونالد ريغان، وانضمامه لوزارة الخارجية في عهد جورج بوش، معرفة قوية بدهاليز البيروقراطية السياسية الأميركية. ويمثل ولاء بولتون الحزبي الراسخ للجمهوريين نقطة يصعب معها توقع ما سيقدم عليه.
ويعتمد دفاع ترامب على حماية “سلطات الرئيس التنفيذية” التي على رأسها سرية أحاديثه مع كبار مساعديه. والدفع بأن شهادة بولتون ستضر بسلطات الرئيس الحالية والمستقبلية خاصة عند اتخاذ قرارات السياسة الخارجية.