إكس خبر- عندما فرضت واشنطن عقوبات في حزيران عام 2012 على أبو بكر شيكاو، زعيم جماعة “بوكو حرام” في نيجيريا، رد الأخير بأن الخطوة لا طائل منها.
وبعد مرور سنتين، يبدو أن تشكيك شيكاو في القرار الأمريكي في محله، ذلك أن جماعته المتشددة أغنى من أي وقت مضى وأكثر عنفاً، فهي تواصل عمليات خطف النساء والأطفال. وصارت الجماعة تمثل التهديد الأكبر لأمن أكبر منتج للنفط في أفريقيا.
ورصدت وكالة “رويترز” منابع تمويل الجماعة من خلال مقابلات مع 12 مسؤولاً أميركياً سابقاً وحالياً.
ويتضمن نهج الجماعة استخدام الأفراد في نقل الأموال في عملية يصعب تتبعها، وكذلك الاعتماد على مصادر تمويل محلية، والانخراط في علاقات مالية محدودة مع الجماعات المتطرفة الأخرى. وجنت بوكو حرام الملايين من خطف شخصيات بارزة. وبهذا تكون الجماعة خارج النظام المصرفي العالمي، مما يجعل العقوبات عديمة الجدوى في التأثير عليها.
وقالت ليندا توماس غرينفيلد، مساعدة وزير الخارجية الأميركي للشؤون الأفريقية، :”نشتبه في أنهم يعيشون على نشاطات إجرامية مربحة جدا تشمل عمليات الخطف“.
وأفاد المسؤولون في مقابلات مع “رويترز” إن بوكو حرام تستخدم في المقام الأول لتمويل شبكتها الفتاكة نظام سعاة ينقلون الأموال داخل نيجيريا، وعبر حدود دول أفريقية مجاورة يسهل اختراقها.
وأشارت وزارة الخزانة الأميركية أن الولايات المتحدة رصدت أدلة على أن “بوكو حرام” تلقت دعما مالياً من تنظيم “القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي“.
وتحصل الحركة على أموال كبيرة فدية لإطلاق رهائن تحتجزهم. ويُعتقد مثلاً أنها نالت أكثر من ثلاثة ملايين دولار لإطلاق فرنسي وزوجته وأولاده الأربعة وشقيقه، وقد كانت خطفتهم حين كانوا يقضون عطلة قرب متنزه وازا الوطني في الكاميرون القريب من حدود نيجيريا..
وفي وقت لاحق كشف تقرير سري لحكومة نيجيريا حصلت عليه رويترز أن مفاوضين من فرنسا والكاميرون دفعوا لبوكو حرام ما يعادل 3.15 مليون دولار قبل إطلاق سراح الرهائن.
وتتفاوت الأرقام بشأن ما تجنيه بوكو حرام من عمليات الاختطاف. ويقدر بعض المسؤولين الأمريكيين إن الجماعة تتلقى مليون دولار مقابل إطلاق سراح كل ثري نيجيري تختطفه.
ويفترض على نطاق واسع في نيجيريا أن بوكو حرام تتلقى الدعم من المتعاطفين معها دينيا داخل البلاد ومنهم بعض المهنيين الأثرياء وبعض سكان شمال البلاد الذين يبغضون الحكومة على الرغم من الافتقار إلى الأدلة التي تثبت هذا الزعم.
ويقول مسؤولون أمريكيون ونيجيريون حاليون وسابقون إن عمليات بوكو حرام لا تتطلب مبالغ مالية كبيرة وهذا يعني أن حتى حملات رصد واعتراض أموالهم لن تفلح على الأرجح في تعطيل حملتهم.
وقال بيتر فام وهو باحث نيجيري في مؤسسة اتلانتيك كاونسيل البحثية في واشنطن إن بوكو حرام طورت “نموذجا متنوعا ومرنا جدا لدعم نفسها.”
وأضاف “يمكنها بشكل أساسي أن تعتمد على ما تجود به الأرض بموارد إضافية متواضعة للغاية.”
*أسلحة منخفضة التكلفة
وقال فام “نحن لا نتحدث عن جماعة تشتري أسلحة متطورة مثل التي تستخدمها بعض الجماعات الجهادية في سوريا أو مناطق أخرى. نحن نتحدث عن بنادق كلاشينكوف وقليل من القذائف الصاروخية ومواد لصنع القنابل. هذه عملية منخفضة التكلفة جدا.”
ويتطلب ذلك دفع مبالغ زهيدة لبعض الشباب يوميا لتعقب تحركات القوات النيجيرية والإبلاغ عنها.
ومعظم المعدات العسكرية التي تمتلكها بوكو حرام لا تشتريها لانها مسروقة من الجيش النيجيري.
وفي شهر فبراير شباط اقتحم عشرات من مقاتلي بوكو حرام موقعا عسكريا نائيا في تلال جوزا بولاية بورنو شمال شرق البلاد ونهبوا 200 قذيفة مورتر و50 قذيفة صاروخية ومئات من طلقات الذخيرة.
وسلحت مثل هذه الغارات الجماعة تسليحا جيدا. وفي عشرات الهجمات خلال العام المنصرم أغار مسلحون يركبون شاحنات ودراجات نارية وعربات مدرعة مسروقة في بعض الأحيان على جنود نيجيريين وأطلقوا قذائف صاروخية.
وقال مسؤولون أمريكيون حاليون وسابقون إن القيادة الداخلية لبوكو حرام تتمتع بالدهاء الأمني ليس فقط في طريقة نقلها للأموال لكن أيضا في اتصالاتها واعتمادها على الاتصال وجها لوجه إذ أن الرسائل أو المكالمات يمكن اعتراضها.
وقال مسؤول سابق بالجيش الأمريكي “إنهم متطورون جدا إذ يعملون على حماية كل هذه الأنشطة من مسؤولي إنفاذ القانون في أفريقيا وبالتأكيد من جهود مخابراتنا لمحاولة القاء نظرة على ما يفعلون.”
وأقر مسؤولون أمريكيون بأن الأسلحة التي خدمت واشنطن جيدا في حربها المالية على الجماعات الإرهابية الأخرى تثبت فعالية أقل في مواجهة بوكو حرام.
وقال مسؤول دفاعي أمريكي “أعتقد أننا نستخدم الأدوات المتاحة لدينا لكنها ليست مصممة بالشكل الجيد الذي تمول به بوكو حرام نفسها.”