وديع عواودة من حيفا – مع استمرار العدوان الإسرائيلي على غزة تتزايد الانتقادات داخل إسرائيل على أدائها العسكري، وتتمحور حول عدم توقع قدرات ومفاجآت المقاومة الفلسطينية خاصة شبكة الأنفاق، والثمن الكبير الذي تمثل في مقتل وإصابة جنود كثر.
وبلغت هذه الانتقادات ذروتها بأقوال رئيس معهد دراسات الأمن القومي في جامعة تل أبيب قائد الاستخبارات العسكرية السابق الجنرال عاموس يدلين الذي رأى أن استمرار الحرب لأكثر من أسبوعين يعني نشوء حالة تعادل إستراتيجي بين إسرائيل وحركة المقاومة الإسلامية (حماس).
وفي مقال نشره موقع معهد دراسات الأمن القومي يذهب يدلين لقول ما هو أخطر، بتأكيده أن إسرائيل وحماس موجودتان الآن في وضع أسماه “تعادلا إستراتيجيا غير تناسبي”.
ويشير إلى أن حركتي حماس والجهاد الإسلامي صمدتا، وتواصلان إطلاق الصواريخ بوتيرة ثابتة على إسرائيل، وأضرّتا بالطيران المدني.
وتابع يدلين “يمنح معنى هذا التعادل مكانة انتصار لحماس، أما إسرائيل فلا يمكنها السماح لنفسها بنتيجة كهذه، لا تجاه أعدائها الذين يشاهدونها من الشمال، ولا تجاه مقاتليها ولا تجاه الرأي العام الإسرائيلي”.
واعتبر يدلين أنه من أجل تغيير التوازن في الحرب فإنه مطلوب إجراء تغيير في ثلاث رؤى تقود التفكير الإسرائيلي، إزالة الشعور لدى حماس بأن لديها بوليصة تأمين خوفا من بديل أسوأ، والتخلص من فكرة الهدوء مقابل الهدوء، وتغيير إسرائيل لموقفها من حكومة الوفاق الفلسطينية، وأن يجري التعامل معها على أساس امتحان مواقفها وممارساتها نحو إعادة السلطة الفلسطينية إلى غزة تدريجيا بالتعاون مع جهات عربية وأجنبية.
مدينة الأنفاق
وفي وقت سابق قال يدلين للقناة الإسرائيلية الثانية “يخطئ من يظن أن الحملة البرية على غزة ستكون شمة هواء”.
ويوجه معلقون بارزون كثر انتقادات للمستويين السياسي والعسكري لتقديرهم الخاطئ لنوايا وقدرات حركتي حماس والجهاد في القطاع.
وفي ظل الكشف عن ثلاثين من الأنفاق العسكرية التي تصل من غزة للمستعمرات المحيطة بالقطاع، يصف المعلق البارز في القناة الثانية أمنون أبراموفيتش عدم معالجة “مدينة الأنفاق” والصواريخ بعيدة المدى بالفشل العسكري والسياسي.
وصرح بما يمتنع الإسرائيليون عن قوله علانية من أن المواجهة المفتوحة مع حماس ستنتهي بالتعادل بما يترك مذاقا مرا، ويتابع “ولكل أولئك الداعين لمواصلة الحرب أو احتلال غزة لا بد من تذكيرهم بالأثمان، فحتى اليوم قتل 40 جنديا وأصيب العشرات بجروح قاسية”.
ويوجه المعلق العسكري في القناة العاشرة ألون بن دافيد سهام نقده للأجهزة الأمنية التي فشلت في اكتشاف مبكر لمدينة الأنفاق في القطاع منوها هو الآخر للخسارة البشرية والإستراتيجية الكبيرة بالجانب الإسرائيلي أيضا.
فشل استخباري
أما المحلل العسكري أري شافيط فيرى أن الفشل في اكتشاف خطورة الأنفاق في غزة يذكّر بجوانب من الفشل الاستخباري في حرب 1973.
بينما يؤكد محرر موقع “معاريف-ذي بوست” بن كاسبيت بأن “الأنفاق أشد خطورة من خطر الانتحاريين في تل أبيب”.
ولم يستبعد أن المقاومة الفلسطينية كانت ربما ستدفع بمئات المقاتلين عبر الأنفاق نحو مستوطنات وقواعد الجيش في محيط غزة وتقوم بعملية عسكرية إستراتيجية تؤدي لعمليات قتل جماهيري.
وغادر سكان عشرات المستعمرات القائمة داخل أراضي 48 والمحيطة بالقطاع منازلهم منذ قيام المقاومة الفلسطينية بعمليات نوعية خلف خطوط الجيش الإسرائيلي بواسطة الأنفاق.
وأمام الأحاديث عن مساع للتوصل لاتفاق وقف للنار، أعلن سكان مستعمرة “كفار عزة” أنهم لن يعودوا لمنازلهم طالما لم تدمر كل الأنفاق.
وذهب معلقون إسرائيليون للتذكير بأن حماس حركة أصغر من المقاومة اللبنانية، محاصرة جغرافيا وتوبوغرافيا وسياسيا، ومع ذلك صمدت أمام جيش عملاق وتمكنت من تكبيده خسائر لم يتوقعها.
ويقول محلل الشؤون العسكرية يوسي ميلمان إن هذه الحالة دفعتهم لوصف حي الشجاعية ببنت جبيل الفلسطينية مذكرين بالفشل الإسرائيلي عام 2006 بالرد على نظرية “خيوط العنكبوت”.