إنهم أفراد ومخلوقات بشرية من دم ولحم وهم منتشرون على جميع بقاع الأرض وبين الأهل والأصحاب ولديهم حلم بإظهار مثليتهم الجنسية بدون خجل أو على الأقل يحلمون بعدم التمييز. أعداد كبيرة قد تتخطى التوقعات تعيش في الظل مختبئة من مجتمع يرجمها بأول حجر قد تطاله يده. لكن هؤلاء ومتى قرروا أن يتحدثوا ويعلنوا عن مثليتهم فعندها لا تحد طموحاتهم خطوط حمر فهم وكما يعّرفهم القانون اللبناني ولو بالتلميح “خارجون عن الطبيعة”.
من هنا انطلقنا الى داخل هذا الكيان المثلي، ف”حلم” هي أول جمعية في الوطن العربي تعنى بشؤون “المثليين جنسيا”، تحميهم وتدافع عن حقوقهم منذ العام 2005، تاريخ تقدم القيمين عليها بطلب الى وزارة الداخلية لانشاء جمعية. “الدولة اللبنانية على علم رسمي بوجودنا وأهدافنا، هي لم تعطنا الشرعية بعد لأن الوزارة لم تمنحنا رقما للجمعية ولكنّها تقبلت وجودنا من دون أن تخدش بعض مشاعر المؤسسات الدينية بالاقرار بحالتنا رسميا”، هذا ما تقره رئيسة الجمعية هبة عبّاني التي تكشف أن الهدف الأول والرئيسي للجمعية الغاء المادة 534 من القانون اللبناني والتي تنص على أن “كل مجامعة على خلاف الطبيعة يعاقب عليها بالحبس حتى سنة واحدة”. وتقول: “من الذي يحدد أن العلاقة بين رجلين أو امراتين هي مجامعة خارج اطار الطبيعة؟ اذا أرادوا فليبقوا على المادة ولكن لا يطبقوها علينا”.
ويشرح أحد أعضاء الهيئة الادارية في “حلم” انطوني، الخدمات التي تقدمها حلم ويقول أنّ “هناك خطا ساخنا تؤمنه الجمعية 24 ساعة يوميا للاجابة على الأسئلة القانونية والصحية ويصرّح “نحن 45 عضوا حاليا في الجمعية هذا عدد المنتسبين رسميا أما عدد المستفيدين فكبير جدا. نحن نستقبل في الشهر الواحد أكثر من 200 الى 300 مستفيد وهذه النسبة ترتفع خلال فصل الصيف”، وتقول هبة عبّاني: “هناك أعضاء عرب منتسبون للجمعية ولكن مقيمون في لبنان أما المستفيدون العرب فكثر وخاصة في الصيف”.
وتكشف رئيسة الجمعية انّهم تعرضوا للكثير المضايقات من قبل الأجهزة الامنية لكن “وبعد حلقات نقاش طويلة مع المسؤولين عن الاجهزة تمكنا من إقناعهم أننا حالة موجودة مستحيل القضاء عليها”. ولا تلمس عبّاني تطورا كبيرا في نظرة المجتمع اللبناني إلى المثليين وتعتبر أن المثلي المستقل ماديا هو الذي يعيش حياة طبيعية أما المثلي المحتاج فهو من يواجه الصعوبات الكبرى وتضيف: “ما يتعرض له المثليون في طرابلس هو الأصعب حاليا. فالأعداد أصبحت كبيرة هناك والأجهزة الأمنية في الشمال غير متعاونة” وتضيف: “يتم إخضاع الشخص المشتبه بأنّه مثلي من قبل رجال الأمن لفحص شرجي يشكل انتهاكا صارخا لحقوق الانسان وهو أقرب الى اغتصاب طبي منه إلى أي شيء آخر علما أنّه لا يثبت هوية الفرد الجنسية”.
وتقول الدكتورة باسكال مراد المتخصصة في علم النفس: “الاغتصاب الجنسي في الصغر أحد الأسباب الاساسية لتحول الانسان إلى مثلي كما أن للتربية المنزلية دورا أساسيا فأحيانا وفي اللاوعي قد تشعر الوالدة ابنها برغبتها التي لم تفصح عنها بأن يكون لها بنت ما يؤثر جذريا في الهوية الجنسية لابنها”.
وتلفت مراد إلى أن نوع التربية الأخلاقية التي يتلقاها الاطفال والمراهقون لها دور اساسي في “الشذوذ الجنسي” وتقول: “عادة يكتشف المرء هويته الجنسية في مرحلة المراهقة ولكن هذه الهوية قد تنقلب ما بين عمر الـ35 والـ40 جراء صدمة معينة أو حادثة نفسية محددة”.
الاسلام لا يعترف بالمثليين ولا يرضى بقيام جمعيات لهم
بدوره، يوضح قاضي الشرع الاسلامي الشيخ محمد نقري أن “الاسلام لا يعترف بالمثليين من الناحية الشرعية كما يعتبر أنّه لا يحق لهم أن يتزوجوا أو يمارسوا الجنس” ويقول: “اذا لم يصدر عن المثلي أي تصرف شاذ أمام المجتمع فنقول عندها أن الله ابتلاه وبالتالي جزاؤه عند رب العالمين أما اذا أقدم على أفعال مشينة فعندها تتدخل الشريعة لتفرض العقاب المناسب”.
ويرى الشيخ نقري أن “من الواجب عرض هؤلاء على معالجين نفسيين لأنّهم لا يولدون كذلك بل ان ظروفا معينة تجعل منهم شاذين” ويضيف: “نحن ضد قيام جمعيات للمثليين وبالتالي ضد اعطاء شرعية لمجموعات تقوم بأعمال خارجة عن اطار الطبيعة”.
أما عن رأي الكنيسة,فيقول الاب جرمانوس جرمانوس، أن “الكنيسة تحترم المثليين وتؤكد أن حالتهم بحد ذاتها ليس خطيئة” ويقول: “الكنيسة لا تتوقف على كيفية الوصول الى الحالة المثلية ولكنها تعترف أن ظروفا نفسية-تربوية-اجتماعية هي الكفيلة بتحول الانسان الى مثلي وتشدد على ضرورة دراسة كل حالة على حدة”.
ويوضح الأب جرمانوس أن “الكنيسة تميّز بين الحالة التي يعيشها الانسان وبين تصرفاته” ويقول: “نحن كمسيحيين مدعوون لاحترام الانسان مهما كانت ميوله فالأنسنة أبعد بكثير من الهوية الجنسية اذ تطال الانتاج، طريقة التفكير والمعاملة…” مستنكرا تصوير بعض الاعلام للمثلي كـ”حالة همجية”.
=======================
معلومات عامة عن “المثلية”:
• . بتاريخ 3/12/2009، صدر عن القاضي المنفرد الجزائي في البترون منير سليمان حكم دعا لإخراج العلاقات المثلية الرضائية بين راشدين من دائرة المعاقبة، وذلك في سياق ملاحقة جزائية ضد شابين ادعت عليهما النيابة العامة على أساس المادة 534 عقوبات التي تجرّم “المجامعة خلافاً للطبيعة” حتى سنة حبس لوجودهما في وضع ملتبس. وقد آل الحكم إلى وقف التعقبات في وجه الشابين لأسباب عدة، بعضها واقعي إذ تبين للمحكمة عدم ثبوت الأفعال المعزوة إليهما، وبعضها قانوني ومفادها أن الأفعال المذكورة، على فرض صحتها، لا تخضع لمفهوم “المجامعة خلافاً للطبيعة”. وقد اعتبر هذا الحكم سابقة قضائية، قد تكون الأولى من نوعها في الشرق الأوسط، من شأنها أن تمهد لقلب الاجتهاد السائد بشأن المادة 534 المذكورة وأن تأذن بالنتيجة بتحرير شريحة واسعة من المواطنين (المثليين) من هشاشة “الخارجين عن القانون” بسبب ميلهم الجنسي.
• في العام 2010 ذكر تقرير لموقع “ميديا لاين” الأميركي الذي يغطي أخبار الشرق الأوسط ان بيروت بدأت تنافس تل أبيب في كونها موقعاً جاذباً لسياحة المثليين.
• نسبة المثليين 4% على الأقل من التعداد الكلي لسكان العالم أي ما يعادل 240 مليون “مثلي ومثلية” من مجموع 6 مليار إنسان على كوكب الأرض.
• ظاهرة المثلية منتشرة بين الحيوانات، خاصةً الطيور والحيوانات الثدية، مثل الزرافات والقردة وبعض أنواع الضفادع.
• البجع الأسود الأسترالي يبني أحياناً علاقات جنسية مثلية ويسرق العش من الإناث ويلجأ للعلاقات المزدوجة احيانا لهدف أخذ البيض.
• في آذار 2004، تبين أن المثلية في الغنم تشبه والى حد كبير المثلية في الإنسان، كونها متعلقة بمنطقة في الدماغ.