أكد
محمد إبراهيم الشيباني مدير ديوان صاحب السمو حاكم دبي الرئيس التنفيذي
لمؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، ان إمارة دبي خرجت بسلام من الأزمة .
وأضاف في مقابلة مع “فاينانشيال تايمز” وصفتها الأخيرة بالنادرة: “خلال
سنوات الازدهار كنا نركز على العائدات السريعة، والاستثمارات الخارجية،
وتركنا شيئاً عالي القيمة خلفنا، وهو أن دبي تضطلع بدور مركز اللوجستيات،
وإعادة الصادرات، والسياحة، والخدمات” .
قالت
“فاينانشيال تايمز” التي نشرت المقابلة أمس، إنه وعلى الرغم من أن دبي
طورت بنية تحتية من الطراز الأول خلال سنوات الازدهار، وأسست نفسها كمركز
رائد للأعمال، والنقل واللوجستيات في الشرق الأوسط، إلا ان التوسع
المتسارع كان له ثمنه، والذي تمثل في الإفراط في الاقتراض، والمضاربة على
العقارات .
المهمة
ومنذ
ذلك الوقت عمل محمد الشيباني كجزء من “لجنة عليا” مؤلفة من ثلاثة أعضاء،
وأوكل إليها الإشراف على ما يسميه الشيباني “المهمة”، وهي إعادة هيكلة 25
مليار دولار من ديون “دبي العالمية”، وهي إعادة الهيكلة التي سمحت للإمارة
بالعودة إلى سوق السندات الدولي، وجمع أكثر من 25 .1 مليار دولار في
سبتمبر/ أيلول الماضي .
وخلال
تلك العملية برز الشيباني أكثر، وحينما عاد الشيباني (46 سنة)، والذي
يتحدث الإنجليزية بطلاقة، ولكن بحذر، من لندن في العام ،2007 حيث كان يدير
المكتب الخاص بصاحب السمو حاكم دبي، تولى مسؤولية ديوان صاحب السمو الشيخ
محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي،
بالإضافة إلى مؤسسة دبي للاستثمارات الحكومية، الشركة القابضة لمعظم
الأعمال الرئيسية في الإمارة .
الدروس
وبسؤاله
عن الدروس التي تعلمتها دبي من الأزمة، رد الشيباني بأنها “نموذج كلاسيكي
للإفراط في زمن انتعاش الائتمان” . وأضاف: “أقول دائماً إنك لا تتعلم
شيئاً جديداً . فقط عليك العودة إلى الأصول . فكافة الأعمال الرئيسية
الحقيقية تسير بشكلٍ جيد . وحينما ابتعدت الشركات شبه الحكومية عما تؤديه
بصورة أفضل وقعت في المشكلات” .
وتابع
الشيباني قائلاً: “الشركات الجوهرية للإمارة، مثل طيران الإمارات، وموانئ
دبي العالمية، والفنادق تؤدي عملاً بشكل قوي . ومطار دبي الدولي يكافح
لأجل مواكبة التوسع الذي تسجله طيران الإمارات” .
وحول
سوق العقارات، قال الشيباني إن تراجع الأسعار جعل الإمارة أكثر تنافسية
على الأقل، مشيراً إلى أن المخاوف من الرحيل الجماعي للوافدين لم تتحقق .
وأضاف: “يتم افتتاح العديد من المدارس، وجميعها لديها عمل أكثر مما تقدر
على استيعابه”، مستطرداً: “إذا تمعنت في هذه الأرقام ستشعر بارتياح كبير” .
علاقة بعيدة المدى
وبشأن
ديون “دبي القابضة”، قال الشيباني إن إدارتها أكثر سهولة، نظراً لأن حجم
ديونها أصغر (12 مليار دولار بحسب تقديرات المحللين) . ولكن كما هي الحال
بالنسبة ل “دبي العالمية”، فعلى كل من الحكومة، والدائنين ان يقدموا العون
على الأقل للحفاظ على ما يصفه ب”علاقة بعيدة المدى” . وأردف: “نحن نقدر
البنوك . فقد كانت سنداً قوياً لنا . ولولا دعم البنوك، والدائنين، لما
توصلنا إلى ما أنجزناه” .
وفي
ما يتعلق ببيع الأصول، قال الشيباني إنه ليس في عجلة للتخلص من الأصول قبل
ان تستعيد أسعارها الحقيقية، مؤكداً ان الدائنين يتفهمون هذا الوضع .
وتابع: “نحن، من كلا الطرفين، لدينا مصلحة في إعادة القيمة . وبعض هذه
الشركات تحتاج لبعض الوقت، وبعض إعادة الهيكلة، وضخ رأس المال” .
الحازم والمنصف
ولا
يتبرم الشيباني من سمعته كرجل حازم، خصوصاً بعد الحملة التي شُنت ضد
التنفيذيين السابقين لدى الشركات ذات الصلة بالحكومة، والتي يراها بعض
المنتقدين استبدادية، ومبهمة . وهو يقول في ذلك السياق: “بعض هؤلاء
الأفراد ليسوا على قدر المهمة، وعليهم أن يتنحوا . وإذا ارتكب أي شخص خطأ
تجب محاسبته . فليس هناك شخص فوق القانون” .
يشار
إلى ان الشيباني، وكجزء من إعادة هيكلة دبي، شدد الرقابة على شركات
الإمارة شبه الحكومية، وكون المزيد من مجالس الإدارات، بالإضافة إلى تفعيل
مكتب التدقيق الحكومي . وقال: “أنا أقبل بأنني حازم جداً، ولكنني أيضاً
منصف جداً . وان تكون حازماً، وغير منصف فتلك سمعة سيئة . وأن تكون منصفاً
ومتهاوناً فذلك أيضاً مزيج سيئ، ولكن أن تكون منصفاً، وحازماً فذلك هو
المزيج الجيد” .
دبي القابضة
من
جهة ثانية، قالت “فاينانشال تايمز” أمس إن حكومة دبي سيطرت على إعادة
الهيكلة المالية لشركة “دبي القابضة”، من خلال ضخ ملياري دولار في
المجموعة . واشارت إلى أن لجنة النخبة نفسها التي اشرفت على اعادة هيكلة
ديون “دبي العالمية” البالغة 25 مليار دولار، حولت انتباهها إلى ثاني أكبر
مشروع لإعادة هيكلة الديون، في إشارة إلى ديون مجموعة “دبي القابضة”
البالغة 12 مليار دولار .
وقال
محمد الشيباني: “إن الحكومة ضخّت بالفعل ملياري دولار في دبي القابضة،
وانها مستعدة لضخ المزيد من رؤوس الأموال في المجموعة التي تدير مشاريع
استثمارية في مجال العقارات، والخدمات المالية، لكنها تتوقع أيضاً من
المصارف تحمل بعض المسؤولية كما كان الحال في اعادة هيكلة ديون دبي
العالمية” .
وأضاف
الشيباني: “تتوقع المصارف الفوز بصفقات استشارية، بينما تدرس حكومة دبي
بيع أصول، أو خصخصتها في المستقبل، غير أن الأولوية بالتأكيد ستذهب
للمصارف التي قدّمت الدعم، ونحن عملاء موالون للغاية” . وقال إنه “لا يشعر
بالقلق بشأن قدرة دبي على سداد ديون متراكمة مقدارها 110 مليارات دولار”،
بفضل ما اعتبره “تدفق السيولة النقدية التشغيلية للشركات واستعداد المصارف
للانتظار حتى تحقيق القيمة المطلوبة” . وأكد أن حكومة دبي “لا تعتزم بيع
أصول بأسعار غير مناسبة، لكنها يمكن أن تقوم في النهاية بتعويم بعض
الشركات، والتخلص من أخرى لجمع الأموال اللازمة للاستثمار في البنية
التحتية، وسداد الديون” .