وللأسف انتشرت هذه التجارة بشكل عشوائي، فأرفف الصيدليات مزدحمة بالمستحضرات التي تعد مستهلكيها بالحل الأكيد، والإعلانات تحاصرنا في كل مكان، وتتنافس مختلف أنواع الأدوية في أنها العقار الأمثل، ويجتهد بعض الأقارب والأصدقاء في جلب الأدوية التي تخفض الوزن من أرفف الصيدليات وربما العطارين ومحلات التجميل خارج المملكة أثناء السياحة، ورغم خطورة جلب أدوية من دول قد تفتقد إلى الرقيب (خاصة في الدول النامية)، فتلك الأدوية قد لا تستنزف جيوبهم فقط (والذي قد ينظر له المستهلك بعين الاعتبار لارتفاع ثمن مثل هذه الأدوية) فهي إلى جانب أنها قد تكون عديمة الجدوى في خفض الوزن، إلا أن الخطر الأكبر في إمكانية تسببها بأمراض أو تلف لبعض أعضاء الجسم وربما التسبب في الوفاة.
الغش في الدواء
تشير منظمة الصحة العالمية إلى خطر الانتشار السريع للأدوية المغشوشة في العالم، ودعت إلى مزيد من التعاون لوقف هذه التجارة التي يبلغ حجمها ٣٥ مليار دولار سنويا. وأشارت إلى أن ما يقارب من 10٪ من الأدوية المطروحة للبيع في العالم يمكن ان تكون مغشوشة، كما ان 70٪ من هذه الأدوية تضبط في الدول النامية، وتشير دراسة لمنظمة الصحة العالمية إلى أن ٤٨.٧٪ من حالات غش الأدوية تتم في دول آسيوية، و18.7% في الدول الإفريقية و13.6% في بعض الدول الأوروبية، وقد ثبت أن دول جنوب شرق آسيا تمثل مصادر مهمة للأدوية المغشوشة، ففي الصين توفي عام ٢٠٠١م مئة واثنان وتسعون ألف شخص نتيجة لاستخدام الأدوية المغشوشة، وطبقاً لإحصائيات TAXUD والتي نشرتها الهيئة الأوروبية فإن ٧٥٪ من الأدوية المغشوشة في العالم منشأها الهند، و٧٪ من مصر و٦٪ من الصين. وأكثر الأدوية غشاً هي المسكنات والمضادات الحيوية وأدوية الجنس وأدوية التنحيف والأدوية النفسية، بينما ذكرت إحصائية في المؤتمر الصحي الذي عقد في جدة عام 1429ه بأن نحو 40% من الأدوية المباعة في السعودية مغشوشة، بينما أظهرت دراسة محلية أن الأدوية المغشوشة في المملكة تصل نسبتها إلى 13%.
أنواع الأدوية الخافضة للوزن
لا يُنصح عادة باستخدام الأدوية الخافضة للوزن إلا بعد تجربة استخدام طرق غير دوائية مثل الحمية الغذائية وممارسة الرياضة لمدة ثلاثة أشهر وتحت إشراف طبي بالتعاون مع أخصائي تغذية، وعند تناولها فإنه يقتصر على المصابين بالسمنة من الذين تجاوز مؤشر كتلة الجسم 30 كجم/م2، ويجب الحذر من صرف الدواء للمصابين بمشاكل صحية أخرى مثل أمراض القلب والشرايين ومرض السكري وأمراض الجهاز التنفسي وارتفاع ضغط الدم، كما يجب أن يرافق تناول الدواء الالتزام بالحمية الغذائية وممارسة النشاط الرياضي ورفع مستوى الوعي الغذائي في نوع الأغذية وكمية تناولها.
تختلف الأدوية الخافضة للوزن حسب تأثيرها العلاجي للأدوية، حيث يمكن أن نقسمها إلى:
1- الأدوية المسببة لفقدان الشهية: وهي أدوية لا ينصح بها، وذلك بسبب تأثيرها على الجهاز العصبي المركزي، فلها أثر منبه، ولها مضاعفات جانبية نفسية كالقلق والاضطراب والهلوسة إضافة إلى ارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب.
2- الأدوية المسهلة: ويؤدي تناولها إلى سرعة طرح الغذاء من القناة الهضمية قبل امتصاصه، مما قد يتسبب في سوء الامتصاص وفقدان عناصر مهمة من الطعام دون امتصاصها كالفيتامينات والمعادن، وقد تتسبب في حدوث إسهال مزمن عند استخدامها لفترة طويلة.
3- الأدوية المدرة للبول: وأهم مضاعفات تناول هذه الأدوية هو نقص الأملاح المعدنية في الدم وزيادة حمض البول وضعف العضلات وارتخائها.
4- الأدوية التي تقلل من امتصاص الدهون: وتعمل على الحد من امتصاص 30% من الدهون التي تستهلك خلال الوجبة الواحدة، وأبرز أضرارها الإسهال واضطرابات الجهاز الهضمي وعدم امتصاص الفيتامينات الضرورية الذائبة في الدهون.
عقاقير خفض الوزن بين مخاطرها ووهم تأثيرها
مع تزايد الاهتمام بأدوية إنقاص الوزن، والعقاقير الخاصة بفقدان الشهية، تعتبر الأدوية إضافة للحمية الغذائية والتمارين الرياضية مع تغيير السلوك ونمط المعيشة تحت الإشراف الطبي من أهم المحاولات للسيطرة على الوزن في الأشخاص الذين يتجاوز عندهم مؤشر كتلة الجسم BMI 30 أو أكثر، وربما يتداول البعض أسماء بعض الأدوية التي يعتقد بأنها فعالة في القضاء على السمنة، ولكن الحقيقة هي أن الآمن منها والمعتمد من الجهات العلمية قليل، فتأثيرات بعضها خطير جدا، ويثير عدد من الخبراء تساؤلات حول مدى قدرة تلك العقاقير في التخلص من زيادة الوزن، والأهم مدى سلامتها للاستخدام،
فمن أهم مشاكل هذه الأدوية هي أن لها تاريخا متقلبا فعلا، فبعد فترة من السماح بتداولها والتأكيد بمأمونية استخدامها، نفاجأ بعد مدة بمنعها وسحبها من الأسواق لخطورة استخدامها، كما ثبت أن بعضها له تأثير متواضع نسبيا، لذا يجب التريث قبل استخدامها، فبالإضافة إلى الخطر الكامن عند استعمال هذه الحبوب على الصحة، فهي لا تعتبر الحل المثالي لتخفيف الوزن، وإذا استعرضنا بعض الأعراض الجانبية لبعض الأدوية نلاحظ خطورة كبيرة جدا، وأهم الأعراض الجانبية لبعض الأدوية الخافضة للوزن هو التسبب في القلق والهلوسة واضطرابات المزاج والارتباك واضطرابات النوم وضعف الذاكرة وارتفاع ضغط الدم وعدم انتظام ضربات القلب وقد يحفز نزف الجهاز الهضمي والبواسير وقد يتسبب بعضها في تلف صمامات القلب وشرايين الرئتين،
ويجب الحذر عند استخدامها لبعض الفئات مثل الحامل والمرضع والأطفال وكبار السن والمصابين بأمراض السكري أو الكلى أو الكبد أو الماء الأزرق (الجلوكوما) أو الصرع أو المصابين ببعض الأمراض النفسية. كما ادعت دراسة ألمانية نشرها قسم التغذية وعلم النفس بجامعة غوتينغن الألمانية أن أغلبية الأدوية التي يقال إنها تسهم بتخفيض الوزن ليس لها أي تأثير في خفض الوزن وهي أدوية وهمية،
واستمرت هذه الدراسة ثمانية أسابيع وشارك فيها نحو 189 شخصا يعانون من الوزن الزائد وتم تقسيم هذا العدد إلى مجموعتين:
المجموعة الأولى أعطيت الجرعة اليومية اللازمة من أدوية إنقاص الوزن أما أعضاء المجموعة الثانية فقد تم إعطاؤهم دواء وهميا حيث تم إيهامهم بأنه دواء خاص لإنقاص الوزن والنتيجة كانت أن أعضاء المجموعتين خسروا الوزن نفسه في المدة المحددة للدراسة، وأشارت الدراسة إلى أن تأثير الدواء الوهمي مهم جدا لخسارة الوزن الزائد فهو يساعد الناس إذا اعتقدوا أنهم يأخذون شيئا على خسارة أوزانهم لأنه يسهم في تغيير أنماط الحياة للقيام بالأفضل.
فهل يستحق تناول الأدوية التي تدعي قدرتها على خفض الوزن المجازفة بتناولها رغم مخاطر ذلك ومحدودية تأثيرها، فلا يوجد حتى الآن عقار آمن تماما وفعال للقضاء على البدانة، فالأدوية المنتشرة منها ما هو غير آمن، ومنها من لم يكتشف حتى الآن أنه غير آمن، ويحتاج مزيدا من الوقت لاكتشاف ذلك!، وفي الجانب الآخر فإن تأثير معظمها متواضع إذا لم يرافق استخدامها الالتزام بنظام غذائي صحي وممارسة الرياضة، وفي معظم الحالات يرجع الوزن إلى ما كان عليه بعد التوقف عن تناول الدواء.